للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل، ولا ترديد فيه (١)، ولكنه ينقسم إلى اقتضاء وتخيير، فأتت "أو" بين قِسْمَيْه فلا يحصل بها إخلال في الحد، والفصل مساو للمحدود (٢)، وكل ما كان أقسامًا لشيء، كان أقسامًا لمساويه؛ فلذلك قال المصنف: إنها في أقسام المحدود (٣)، ولم يكن الحد بدون أحدهما مانعًا، فلذلك لا بد من الفصل بأحدهما مطلقا. و"أو" داخلة بين المعنيين، وكل منهما مُعَيَّنًا، أخَصُّ من أحدهما مطلقًا (٤)، ولو وَجَد عبارةً تشملهما، أو


(١) أي: هذا القدر المطلق (وهو قوله: أحدهما من غير تعيين) الشامل لكلٍ من الاقتضاء والتخيير على البدلية هو الفصل، وليس فيه ترديد. قال القرافي في شرح تنقيح الفصول ص ٦٨: وقد قال بعض الفضلاء في مثل هذا السؤال: هذا حكم بالترديد لا ترديد في الحكم، والثاني هو الشك دون الأول؛ لأنّه جزم لا شك. اهـ أي: جزم بالتردد، والشاك متردد في حكمه: هل يحكم بهذا أو بنقيضه؟ فظهر الفرق بين الحكم بالترديد، والترديد في الحكم، والقادح إنما هو الثاني دون الأول، والواقع في حد الحكم هو الأول دون الثاني، فلا فساد حينئذ. انظر: نفائس الأصول ١/ ٢٣٢.
(٢) المحدود: هو الحكم. والمعنى أنّ الفصل يساوي المحدود وجودًا وعدمًا؛ لأنَّه كلي ذاتي مختص بالماهية يفصلها عن غيرها من الماهيات المشاركة لها في الجنس، فلا وجود للمحدود إلا بوجود الفصل، وتنعدم الماهية بعدمه.
فمثلا الإنسان: حيوان ناطق. فناطق فصلٌ مساوٍ للإنسان وجودًا وعدمًا، فحيثما وُجِد الناطق وُجد الإنسان، وحيثما عُدِم الناطق عُدم الإنسان، لكن قد يُوجد الجنس وهو الحيوان بدون الإنسان؛ لأنَّ الجنس كلي ذاتي مشترك غير مختص بالماهية وحدها. انظر: حاشية الباجوري على متن السلم ص ٣٨.
(٣) فاكتفى البيضاوي بقوله هذا، ومراده ما ذكرنا، وهو أَنَّه ما دامت "أو" أقسامًا للمحدود، فهي أقسام لفَصْله؛ لأن الفصل مساوٍ للمحدود، فليس في "أو" هنا معنى الترديد.
(٤) يعني: المراد بقوله: بالاقتضاء أو التخيير - كون كل واحد منهما مُعَيِّنًا للحكم على =

<<  <  ج: ص:  >  >>