للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَدَّم "شرعًا" على "تاركه" حتى يتبين أنَّ انتصابه عن يُذَمَّ (١).

وقوله: "قصدًا" متعلِّق بتاركه، وهو قيد ليس في "المحصول" (٢)، ولا في "الحاصل" (٣)، وأراد به إدخال الواجب إذا تُرك سهوًا، فإنه لا يُذم، ولا يخرجه ذلك عن الوجوب، ولو لم يقل ذلك لكان الرسم مُطَّرِدًا غير منعكس (٤)، لأنَّ ما لا يذم تاركه قد يكون واجبًا بأن يتركه سهوًا،


= ولعل الأولى بالشارح أنْ يقول ما قاله الطوفي في شرح تعريف الواجب: فقولنا: "ما ذم" أي: ما عيب، "شرعًا": أي احتراز مما عيب عقلًا أو عرفًا. وكثير من الأفعال يُذَم فاعله عرفًا لا شرعًا، فلا يكون واجبًا؛ لأن الاعتبار بالذم الشرعي. اهـ. انظر: شرح مختصر الطوفي ٢/ ٢٨٢. علمًا بأن عامة الأصوليين يقولون بقول الشارح هنا وهو أن قيد "شرعًا" احتراز عن مذهب المعتزلة، ولكن الاعتراض على الشارح في هذا؛ لأنَّه سبق أنّ قرر أنَّ قيد "الشرعية" في تعريف "الفقه" لا يقصد به الاحتراز عن مذهب المعتزلة. وأنكر على شمس الدين الأصفهاني قوله بذلك، مع أَنَّه قال به هنا، فكان هذا تناقضا.
وقد قال الجاربردي في شرح التعريف: "وإنما قال: "يذم شرعا"؛ لأنَّ العقل لا حكم له". انظر: السراج الوهاج ١/ ١٠٤، فكان فعل الجاربردي موافقًا للطوفي، وكلاهما في شرح تعريف الفقه عند قيد "الشرعية" لم يذكرا أنَّ المقصود به المعتزلة، بل الاحتراز عن الأحكام العقلية. انظر: شرح المختصر ٢/ ١١٨، والسراج الوهاج ١/ ٨١.
(١) يعني: كلمة "شرعا" حال من الفعل يذم.
(٢) انظر: المحصول ١/ ق ١/ ١١٧.
(٣) انظر: الحاصل ١/ ٢٣٧.
(٤) يقصد السبكي بقوله: مطردًا، أي: مانعًا. وبقوله: غير منعكس، أي: غير جامع؛ بدليل أنَّه قال بعده: لأنَّ ما لا يذم تاركه قد يكون واجبًا بأن يتركه سهوا. فيكون الرسم بغير قيد: "قصدا" غير جامع؛ لأنَّه يَخْرج فردٌ من أفراده، وهو الواجب =

<<  <  ج: ص:  >  >>