للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله: "الذي" صفةٌ لمحذوف، أي: الفعل الذي، فالفعل جنس يشمل الخمسة، و"الذي يُذَمُّ تاركه" (١): أخرج المندوب، والحرام، والمكروه، والمباح.

وعادة الأصوليين يقولون: الذي يُذَم: يُخْرج المندوب والمكروه والمباح، وتاركه: يُخْرج الحرام. وكان الباجي يشرحه كذلك، وأنا لا أختار هذا (٢)؛ لأنَّ الذي يُذم وحده لا يصلح أن يكون فصلًا (٣)، ألا ترى أنك لو قلتَ: الفعل: الذي يذم - لم يكن جنسًا للمحدود، ولا مفيدًا للمقصود (٤).

وقوله: "شرعًا" احتراز عن مذهب المعتزلة، فإن عندهم الذم بالعقل، فأشار بهذا إلى قاعدة الأشاعرة، وهي أنَّ الأحكام لا تثبت إلا بالشرع (٥)،


(١) هذه هي الخاصة الثانية في الرسم، وقد قدمها الشارح على الأولى، مع تنويهه بذلك في كلامه الآتي.
(٢) هذا الذي اختاره الشارح، اختاره الجاربردي؛ إذ قال في السراج الوهاج ١/ ١٠٤: أقول: قوله: "يذم الشرع تاركه" خرج به الندب، والحرمة، والكراهة، والإباحة.
(٣) هذا سهو من الشارح - رحمه الله تعالى -، والصواب: لا يصلح أن يكون خاصة. وهو ما سبق أنْ ذكره في الأسطر التي قبله.
(٤) يعني: أنك لو عَرَّفت الفعل بأنه: الذي يذم. فليس هذا جنسًا للمحدود؛ لأنَّ الذم أمر خارجي ليس ذاتيًا، وليس مفيدًا للمقصود؛ لأنَّه لا يدل على المعنى الذي يقصده المعرِّف، فهو لا يصلح أنْ يكون خاصة.
(٥) هذا يخالف ما قرره الشارح - رحمه الله تعالى - سابقًا في تعريف الفقه في قيد "الشرعية"، وأن هذا القيد ليس فيه تنبيه على مخالفة المعتزلة في هذا؛ إذ الحكم عندهم شرعي، وإنما العقل طريق إليه. =

<<  <  ج: ص:  >  >>