للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَحْتاج في المندوب والمكروه أن يأتي بقوله: "شرعًا" في طرفي الفعل والترك جميعًا.

وتصحيح كلام المصنف أنْ يحمل على أَنَّه أراد ذلك، فإنه مُحْتمِل له، على أني أقول: إنَّ ما لم يوجد في الشرع دليل على مدح ولا ذم في فعله، ولا في تركه - مباحٌ بأدلة شرعية، وإنما أُوردَ عليه فِعْلُ غير المكلف: كالساهي، والنائم، والبهائم. وطريق الاعتذار عنه ما ذكرته (١)، أو يقال: إنه إنما يتكلم (٢) في فعل المكلف (٣).


= المكلف، فإنه لا حرج في فعلهما ولا في تركهما، ولا نفع في الآخرة ولكن ليس فيه إعلام ولا دلالة، فيخرج من الحد.
فيقول السبكي مؤيدًا لهذا القيد: بأنه لا يكفي في تعريف الإباحة عدم الحكم بالحرج في الفعل والترك، بل الحكم بعدم ذلك، ولازم هذا إعلام المكلف بعدم ذلك.
(١) المعنى: أنَّ البيضاوي وإن لم يقيِّد بالشرع في حد المباح لكنه مراد، وسواء كان مراده بالقيد بالشرع ما أَثْبت الشارعُ نفيَ المدح والذم عنه، أو لم يُثْبت له بخصوصه، فإنه يُعلم بأدلة عامة أخرى من الشارع على نفي الذم والمدح عنه، فيكون عدم الذم والمدح شرعيًا، وبهذا يخرج غير المكلف كالساهي والنائم والبهائم، فإن الذم والمدح منتف عنها جميعًا؛ لعدم التكليف، لكن لا يقال لهذا الانتفاء إنه إباحة أو مباح؛ لأنَّه فرق بين عدم الحكم، وبين ثبوت عدم الحكم، فعدم الحكم يعني: لا تكليف ولا دليل يُثْبِت الحكم، وثبوت عدم الحكم، يعني: وجود دليل ينفي الحكم، وهذا هو طريق الاعتذار عن المصنف في خروج فعل غير المكلف من حد المباح، أنَّه يريد بالمباح ما ثبت فيه نفيُ المدح والذم، وفعل غير المكلف: ما انتفى عنه المدح والذم، وهذا لا يكفي في الإباحة.
(٢) في (ت): "تكلم".
(٣) انظر تعريف المباح في: الحاصل ١/ ٢٣٩، التحصيل ١/ ١٧٤، الإحكام ١/ ١٧٥، =

<<  <  ج: ص:  >  >>