للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أنَّ الزنا قَبْل الجَعْل لم يكن مؤثِّرًا، فإنْ بقي بعد الجَعْل كما كان وجب أن لا يصير مؤثِّرًا، وإن لم يبق كان إعدامًا لتلك الحقيقة، والشيء بعد عدمه لا يكون مؤثرًا.

الثالث: أَنَّه لو جَعَل الزنا علةً فالصادر بعد الجعل إما الحكم، فالمؤثر في الحكم هو الشارع، فلم يكن الزنا مؤثِّرًا، وإما شيء يُوجب الحكم، فيكون المؤثر في الحكم وصفًا حقيقيًا، وهو قول المعتزلة في الحُسْن والقُبْح، وهو باطل، وإن لم يكن الحكم ولا ما يوجبه - فهو محال؛ لأنَّ الشرع لما أثَّر في شيء غير الحكم، وغير مُسْتَلْزِم الحكم (١) - لم يكن لذلك الشيء تعلق بالحكم أصلا (٢).

والمصنف اقتصر على الأول، وأخذ أقسام الثالث؛ لأنها صفوة الكلام (٣).

قال سراج الدين: "ولقائل أن يقول على الأول (٤): لعلهم أرادوا جعل


(١) في (ص)، و (ك)، و (غ): "للحكم".
(٢) انظر: المحصول ١/ ق ١/ ١٤٠ - ١٤١.
(٣) أي: المصنف اقتصر على الوجه الأول من ردود الرازي على الغزالي، وهو قوله: "لأنَّ الحادث لا يؤثر في القديم"، وهذا هو الوجه الأول عند الرازي في الرد على الغزالي. ثم أخذ المصنف أقسام الوجه الثالث عند الرازي في الرد على الغزالي، وهو قوله: "ولأنه مبني على أن للفعل جهاتٍ تُوجب الحسن والقبح، وهو باطل". وهذا القول من المصنف لا يشمل كل أقسام الوجه الثالث عند الرازي (أي: الاحتمالات الثلاثة السابقة المذكورة آنفا)، بل يشير إلى القسم الثاني فقط، كما هو واضح، فقول السبكي رحمه الله تعالى فيه تَسَمُّح.
(٤) أي: على الوجه الأول في الرد على الغزالي.

<<  <  ج: ص:  >  >>