للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للحكم لذاته، أو لصفة ذاتية (١) بل المراد منه إما المُعَرِّف، وعليه الأكثرون، وإما المُوجِب لا لذاته، ولا لصفةٍ ذاتية، ولكن بجعل الشرع إياه مُوجبًا، وهو اختيار الغزالي (٢).

والإمام وافق الأكثرين (٣) معنىً وخالفهم لفظًا، وخالف الغزالي معنىً ولفظًا.

وإلى موافقة الأكثرين في المعنى دون اللفظ أشار المصنف بقوله: "فإنْ أُرِيد بالسببية الإعلام (٤) - فحقٌّ، وتسميتها حكمًا بحث لفظي" (٥).

وإلى مخالفة الغزالي لفظًا ومعنى أشار ببقية كلامه، فإن الإمام زَيَّف كلام الغزالي من ثلاثة أوجه:

أحدها: أنَّ الزنا حادث، والإيجاب قديم، والحادث لا يؤثر في القديم.


(١) وإلا كان مُوجِبًا له قبل ورود الشرع. الإحكام للآمدي ١/ ١٨٣.
(٢) انظر: المستصفى ١/ ٣١٤، ٣١٦.
(٣) وهم القائلون بالمعرِّف.
(٤) أي: المعرِّف، على معنى أنَّ الشارع قال: مهما رأيتَ إنسانًا زنى فاعلم أني أوجبتُ الحدَّ عليه. شرح الأصفهاني على المنهاج. ١/ ٦٧.
(٥) أي: تسمية السببية حكمًا مع كونها الإعلام بالحكم لا الحكم ذاته - مبحثٌ لفظي. فالإمام وافق الأكثرين في كون السببية إعلامًا، أي: معرِّفا، وخالفهم لفظًا من حيث إنَّ إطلاق الحكم على السببية بمعنى المعرِّف لا ينبغي، وهذا الخلاف مبحث لفظي، مبني على تفسير الحكم، فإنْ قلنا: الحكم: خطاب الله تعالى المتعلِّق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع - فالسببية والمُسَبَّبِيَّة حكم. وإن لم يُعتبر الوضعُ فلا يكون حكمًا. انظر: السراج الوهاج ١/ ١١٣، نهاية السول ١/ ٩٢ - ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>