هذا وكانت الصليبية الحاقدة قد نظمت جيشًا قويًا في مطلع القرن السابع الهجري بعد أن عرفت بضعف المسلمين وتناحرهم؛ للهجوم على مصر والشام واحتلالهما، ثأرًا لما أصابها أيام السلطان صلاح الدين (١) الأيوبي، واحتلالًا للديار المقدسة، فنزل جيشهم قرب دمياط، واحتلوها بعد قتال وحصار، وقتلوا أكثر أهلها عام ٦١٥ هـ، ثم هزمهم المسلمون، فأعادوا الكرة واستخدموا المكر والحيلة، واستلموا القدس عام ٦٢٦ هـ، وقلعة صفد عام ٦٢٨ هـ، واتجهوا ثانية إلى دمياط عام ٦٤٧ هـ، فانهزموا ورُدوا على أعقابهم، وطهر الله الأراضي الإسلامية منهم.
هذان الحدثان العظيمان هما أهم الأحداث التى حصلت في القرن السابع، واللذان كان لهما الأثر الواضح في الأحداث بعدهما في القرن الثامن، وقد برز في خلال هذين الحدثين دور المماليك العظيم الذين كانوا جنودًا للأيوبيين، ومماليك مُسْتَرَقِّين لهم، وكان الأيوبيون في حالة من الضعف والتناحر، مما أدى إلى زوال دولتهم لا سيما مع الأحداث الجسام، وظهور دور المماليك البارز، فكانوا خلفًا لسادتهم الأيوبيين في الملك.
(١) هو السلطان الكبير، الملك الناصر، صلاح الدين، أبو المظفر يوسف بن الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي الدُّوَيْني، ثم التكريتي المولد. ولد سنة ٥٣٢ هـ. كان خليقًا للإمارة، مهيبًا شجاعًا حازمًا، مجاهدًا كثير الغزو، عالي الهمة، وكان ردءًا للإسلام، وحرزًا وكهفًا من كيد الكفرة اللئام. توفي سنة ٥٨٩ هـ. انظر: سير ٢١/ ٢٧٨، البداية والنهاية ١٣/ ٣.