للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هولاكو، وتسلم قلعة بعلبك، وأخذ نابلس بالسيف، وكاد الأمر يتم للتتار، ولولا هذا النصر الذي حققه المماليك لدمَّر التتار مزيدًا من تراث المسلمين وحضارتهم. وقد كان المماليك أولَ مَنْ وقف في وجه التتار، فلم يؤثر في نفوسهم ما ذاع عنهم، ولم يَفُتَّ في عَضُدهم، وانضم إليهم الكثير من أمراء الشام وجنوده، وتوجه الجيش الإسلامي من مصر بقيادة الملك المظفر قطز (١)، والتقى الجمعان فأنزل جند الله بالتتار هزيمة نكراء عند عين جالوت (٢)، وذلك في العشر الأخير من رمضان سنة ٦٥٨ هـ، وأخذوا في التراجع والتقهقر، وأرسل المظفر قطز قائده بيبرس (٣) في ملاحقة التتار وطردهم، فاستخلص الشام برمته من أيديهم.


(١) هو السلطان الشهيد الملك المظفَّر سيف الدين قُطُز بن عبد الله المُعِزِّي. كان شجاعًا بطلًا، كثير الخير، ناصحًا للإسلام وأهله، وكان الناس يحبونه ويدعون له كثيرًا. وثب عليه بعض الأمراء وهو راجع إلى مصر فقتله، وذلك في شهر ذي القَعْدة، سنة ٦٥٨ هـ، ولم يكمل سنة في السلطنة. انظر: سير ٢٣/ ٢٠٠، البداية والنهاية ١٣/ ٢٣٨، شذرات ٥/ ٢٩٣.
(٢) قال ياقوت الحمويُّ في معجم البلدان ٤/ ١٧٧: "عَيْنُ الجالوت: اسم أعجميٌّ لا ينصرف، وهي بُليدة لطيفة بين بَيْسان ونابُلس من أعمال فلسطين. . .".
(٣) هو الملك الظاهر، والسلطان الكبير، ركن الدين أبو الفتوح بيبرس التركي البندقداري ثم الصالحي. كان شجاعًا فارسًا مقدامًا، يُضرب بشجاعته المثل، له أيام بيض في الإسلام، وفتوحات مشهورة، ومواقف مشهودة، ولولا ظلمه وجبروته في بعض الأحايين لَعُدَّ مِن الملوك العادلين، وقد ذكر ابن كثير - رحمه الله - كثيرًا من مواقفه الحسنة التي تدل على حسن طويته وسريرته. توفي سنة ٦٧٦ هـ. انظر: شذرات ٥/ ٣٥٠، البداية والنهاية ١٣/ ٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>