للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الحج، فإنَّ مَنْ حج صحيحًا، ثم حج ثانيًا - كانت حجته (الثانية غير الأُولى) (١)، بخلاف الصلاة فإن الثانية هي الأُولى، ولهذا يَنْوي فيها الفرض، ولعل الأصوليين لا يوافقون على نية الفرض في الثانية، ويقولون: إنَّ الثانية صلاة مُئتدَأةٌ؛ فلذلك عرَّفوا الإعادة بما ذكروه (٢)، ولكن نفس الشريعة تخالفه.

ولو حج فاسدًا ثم حج - فقد قلنا: إنه لا يسمى قضاء حقيقة (٣)، وأما تسميته إعادة فلا يَمْتنع، وهذا هو الذي وَعَدنا به مِنْ قبل، فخرج مِنْ هذا أنَّ الإعادة: فِعْلُ مِثْلِ ما مضى، فاسدًا كان الماضي أو صحيحًا، أداءً أو غيره.

فبين الأداء والإعادة عموم وخصوص من وجه، ينفرد الأداء في الفعل الأول، وتنفرد الإعادة فيما إذا قضى صلاةً وأفسدها ثم أعادها (٤)، وفي الحج كما صورناه (٥). ويجتمعان في الصلاة الثانية في الوقت على ما


(١) في (ص)، و (ك): "الأولى غير الثانية".
(٢) أي: لا يوافقون أنْ ينوي الفرض في الصلاة الثانية، وقد كان صلى الفرض صحيحًا في الصلاة الأولى، بل الثانية صلاة مبتدأة غير الأولى؛ ولذلك اشترطوا في الإعادة أنْ تكون مسبوقة بصلاة فيها خلل، أي: بصلاة فاسدة. فالثانية غير الأولى. وهذا الذي ذكره الشارح إنما يتأتى على قول مَن اشترط الخلل في الإعادة.
(٣) لأنَّ شرط القضاء خروج الوقت، والحج يمتد وقته إلى آخر العمر.
(٤) يعني: ينفرد الأداء في أداء الصلاة في الفعل الأول داخل الوقت، فهو أداء لا إعادة. وتنفرد الإعادة فيما إذا قضى صلاة - أي: خارج الوقت - وأفسدها، ثم أعادها، فهذه إعادة وليست بأداء.
(٥) يعني: أفسد الحج الأول، ثم أعاده ثانية، فهذه إعادة وليست بأداء ولا قضاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>