للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: متعلِّق بالخصوصيات (١)؛ فلذلك وقع الخلاف فيه، وأجمعت (٢) الأمة على إطلاق الواجب المخيَّر عليه (٣). ولا منافاة بين ما قلناه، وما حكيناه عن بعض المتأخرين مِنْ تعلق الوجوب بالقدر المشترك، لكن فيما قلناه زيادة، وهي تبيين أنَّ ذلك القدر المشترك أخصُّ، منظورٌ فيه إلى الخصوصيات (٤).


= إذا أمر الشارع بإعتاق رقبة - فالأمر هنا متعلِّق بالماهية المشتركة (وهي ماهية المتواطئ: إعتاق رقبة)، ولا علاقة للأمر بخصوصيات هذا المتواطئ أي: أفراده من حيث كونها أفرادًا، بل الأمر متعلِّق بإيجاد ماهية هذا المتواطئ من حيث هي، بصرف النظر عن الأفراد؛ لأنَّه ليس لأي فرد من الأفراد خصوصيةٌ ما، بل الكل متساوٍ في الاشتراك في الماهية المشتركة، والماهية لا تعدد فيها من حيث هي، ولذلك لا يكون الأمر بها على التخيير، ولا يقال عنها واجب مخير، بل المطلوب هو إيجاد تلك الماهية بأيِّ فرد كان. لا يقال: إن قولَنا: أىُّ فرد كان - تخييرٌ؛ لأنَّ الأمر ليس لَه تَعَلُّق بهذا التخيير، فالأمر متعلِّق بالماهية، والماهية توجد بفردٍ من أفرادها.
(١) أي: بالأشخاص والأفراد الخارجية، كما ذكر قبل قليل.
(٢) في (ك): "واجتمعت".
(٣) "انظر ما قاله الإسنوي في نهاية السول ١/ ١٣٥، فهو قريب مما قاله الشارح رحمهما الله تعالى.
(٤) أي: الأفراد الخارجية. والمعنى: أنَّ السبكي يقول: نحن نقول بمقولة هذا المتأخِّر - الذي نَقَل عنه هذا التحرير - ولكنا نقيِّد كلامَه وإطلاقَه في قوله: "متعلَّق الوجوب هو القدر المشترك بين الخصال" بأن المراد بالقدر المشترك: هو المطلق على المبهم بين الأفراد الخارجية، لا المتواطئ الذي يستوي أفراده في معناه، إذ حقيقته واحدة لا تعدد فيها ولا إبهام، والأمر حينما يتعلق بالماهية المشتركة لا يُنظر في هذا التعلق إلى خصوصيات الماهية، وهي الأفراد المعينة، بل يُنظر إلى تحقق هذه الماهية بأيِّ فرد كان، فليس لأيِّ فرد "ما" خصوصية معينة، بل الغرض هو تحقق الماهية كما سبق =

<<  <  ج: ص:  >  >>