للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشرعتُ فيه وقلتُ: لعل الغرض يتم ببركته وبقصده (١) الصالح، وجرّدت همةً ما ردَّ ذائلُها (٢) إلا وقد سئم من النشاط، ولا أُغْمد مُهَنّدها إلا وقد ترك ألف طريح على البساط، ولا عاد نَصْلُها (٣) إلا وقد قضى المأمول، ولا فَترتْ عزائمها إلا وقد حصلتْ على نهاية السُّول، وأعْملنا هذه الهمة في مُدْلَهمَّ الدَّيْجور (٤)، وصرَّفنا قلمها بشهادة النجوم وفلكُها يدور، فلم تَنْشب ليالي أسبلتْ جلبابها، وأرخت نقابَها معدودةً ساعاتُها، ممدودة بالألطاف الخفية أوقاتُها، إلى أن انهزمت تلك الليالي، ودارت الدائرة عليها، وجاء من النسيم العليل بشيرُ الصبح متقدمًّا بين يديها، فوافى الصباح بكل معنى مُبْتكر، وجَلا عرائسَ بدائِعِه فشنَّف السمْعَ (٥) وشرّف البصر، وجاء كتابًا ساطعًا نورُ شمسه وشمسُ


(١) في (ت)، و (ك): "ومقصده".
(٢) ذائلها: ذَنَبَها الطويل. وفي الصحاح ٤/ ١٧٠٢، مادة (ذيل): "وفَرَس ذائلٌ، أي: طويل الذَّنَب، والأنثى ذائلة. وكذلك فَرَسٌ ذَيَّال: طويل الذَّنَب. فإن كان قصيرًا وذَنَبه طويلًا قالوا: ذيَّال الذَّنب، فيذكرون الذّنب". وفي اللسان ١١/ ٢٦٠: "وقال ابن قتيبة: ذائلٌ: طويل الذَّيل، وذيَّال: طويل الذيل".
(٣) النصل: السهم العريض الطويل. لسان العرب ١١/ ٦٦٢، مادة (نصل).
(٤) الدَّيْجور: الظلمة، والجمع دياجير. انظر: لسان العرب ٤/ ٧٨، مادة (دجر).
(٥) أي: زينه وجمَّله. وفي اللسان ٩/ ١٨٣، مادة (شنف): "الشَّنْف: الذي يُلبس في أعلى الأذن، بفتح الشين، ولا تقل: شُنْفٌ، والذي في أسفلها القُرط، وقيل: الشَّنْفُ والقُرْطُ سواء. . . والجمع أشْناف وشُنُوف. . . وشنَّفْتُ المرأةَ تَشنيفًا فتشنَّفَتْ: هي مثل قرَّطْتُها فتقرَّطَتْ هي".

<<  <  ج: ص:  >  >>