للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه هي المسألة المعروفة بأنَّ الأمر بالشيء هل هو نهي عن ضده (١)؟ .

اعلم أنه لا نزاع في أن الأمر بالشيء نهيٌ عن تركه بطريق التضمن، وإنما اختلفوا في أنه هل هو نهي عن ضده الوجودي (٢)؟ على مذاهب:

أحدها: أن الأمر بالشيء نفس النهي عن ضده.

الثاني: أنه غيره ولكنه (٣) يدل عليه بالالتزام، وهو رأي الجمهور، منهم الإمام وصاحب الكتاب (٤). وعلى هذا فالأمر بالشيء نهي عن جميع أضداده؛ (لانتفاء حصول المقصود (إلا بانتفاء كل


(١) والمراد بالضد: ما يستلزم ترك المأمور به. انظر: بيان المختصر ٢/ ٤٩.
(٢) فالأمر بالقعود مثلًا دال على النهي عن عدم القعود أو على المنع منه بالاتفاق؛ لأن القعود وعدم القعود نقيضان (نقيض كل شيء رفعه). والنقيضان لا يجتمعان، فالأمر بأحدهما نهي عن الآخر تضمنًا، وهذا لا نزاع فيه، فقول الشارح رحمه الله تعالى: "نهي عن تركه بطريق التضمن" أي: نهي عن نقيضه تضمنًا؛ لأن الأمر بالشيء معناه: فعله وعدم تركه. وإنما الخلاف في أن الأمر بالقعود هل هو نهي عن ضده الوجودي كالقيام والرقود، والضدان لا يجتمعان أيضًا. قال الإسنوي رحمه الله تعالى عن الضد الوجودي: "ووجه منافاته بالاستلزام: أن القيام مثلًا يستلزم عدم القعود، الذي هو نقيض القعود، فلو جاز عدم القعود لاجتمع النقيضان، فامتناع اجتماع الضدين إنما هو لامتناع اجتماع النقيضين، لا لذاتهما. فاللفظ الدال على القعود يدل على النهي عن الأضداد الوجودية كالقيام بالالتزام، والذي يأمر قد يكون غافلًا عنها". التمهيد ص ٩٥.
(٣) في (ص): "ولكن".
(٤) انظر المحصول ١/ ق ٢/ ٣٣٤، شرح الكوكب ٢/ ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>