للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقدِّمة، أعني: ما لا يتم الواجب إلا به، فإن الموجِب للشيء قد يكون غافلًا عن مقدمته مع استلزام وجوبِه لوجوبِها، كما تقدم. هذا شرح ما في الكتاب.

واعلم أنه قد تردد كلام الأصوليين في المراد مِنَ الأمر المذكور في هذه المسألة: هل هو النفساني؟ فيكون الأمر النفساني نهيًا عن الضد نهيًا نفسانيًا.

أو اللساني؟ فيكون نهيًا عن الأضداد بطريق الالتزام، وهذا هو الذي ذكره الإمام حيث صرح بلفظ الصيغة (١).

وإذا عرفت هذا فنقول: إنْ كان الكلام في النفساني تعيَّن التفصيل بين مَنْ يعلم بالأضداد ومن لا يعلم (٢). فالله تعالى بكل شيء عليم، وكلامه واحد، وهو أمر ونهي وخبر، فأمره عَيْن نهيه وعَيْن خبره، غير أنَّ التعلُّقات تختلف، فالأمر عَيْنُ النهي باعتبار الصفة المتعلّقة نفسها التي هي الكلام (٣)، وهو غيره باعتبار أن الكلام إنما يصير أمرًا بإضافة تعلُّق خاصٍّ: وهو تعلق الكلام بترجيح طلب الفعل، وإنما يصير نهيًا بتعلقه بطلب الترك (٤). والكلام بقيد التعلق الخاص غيرُه بالتعلق


(١) انظر: المحصول ١/ ق ٢/ ٣٣٤.
(٢) يعني: إن كان الكلام النفسي صادرًا ممن يعلم الأضداد فالأمر بالشيء نهيٌ عن ضده بلا خلاف، وإن كان صادرًا ممن لا يعلم الأضداد فيأتي فيه الخلاف السابق.
(٣) يعني: فالأمر هو عَيْن النهي من حيث كونهما صفة لله تعالى وهي الكلام.
(٤) قوله: وهو غيره. . . إلخ، يعني: والأمر غير النهي باعتبار التعلقات الخاصة، فإذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>