للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك فالدالُّ على الوجوب يدل على حرمة النقيض بالتضمن؛ لأن المراد مِنْ دلالة التضمن: أن اللفظ يدل على جُزء ما وُضع له. والمراد بدلالة الالتزام هنا: دلالة اللفظ على كلِّ ما يُفهم منه غير المسمَّى، سواء كان داخلًا فيه، أو خارجًا عنه. فيصدق قوله: "يدل بالتضمن" مع قوله: بالالتزام (١).

واحتجت المعتزلة: بأن الموجِب للشيء قد يكون غافلًا عن نقيضه، فلا يكون النقيض مَنْهيًا عنه؛ لأن النهي عن الشيء مشروطٌ بتصوره.

وأجاب عنه: بأنا لا نسلم أن الموجب للشيء قد يَغْفَل عن نقيضه؛ لأن الموجب للشيء ما لم يتصور الوجوبَ لا يَحْكم به، ويلزم مِنْ تصور الوجوب تصور المنع من النقيض؛ لأنه جزؤه (٢)، وتصور الكل مستلزمٌ لتصور الجزء. ولو سلمنا أنه يجوز أن يكون الموجِب للشيء قد يغفل عن نقيضه - فذلك لا يمنع حرمة النقيض، بدليل وجوب


(١) قوله: والمراد بدلالة الالتزام هنا. . . إلخ، يعني: المراد بدلالة الالتزام هنا في كلام المصنف في قوله: "وجوب الشيء يستلزم حرمة نقيضه؛ لأنها جزؤه. فالدال عليه يدل عليها بالتضمن". فالمراد بدلالة الالتزام في كلام المصنف: هو دلالة اللفظ على كل معنى تُفهم منه غير ذلك المسمى المطلق عليه اللفظ، سواء كان المعنى المفهوم والذي هو غير المسمى داخلًا في معنى المسمى أو خارجًا عنه، فليس مراد المصنف بدلالة الالتزام المعنى الخارجي فقط كما هو اصطلاح المناطقة، بل مراده كلُّ معنى يلازم اللفظ داخلٌ أو خارجٌ عنه، ولو لم نفسر دلالة الالتزام هنا بهذا - لكان في كلام المصنف تناقض بين قوله: يدل بالتضمن، مع قوله بالالتزام.
(٢) أي: لأن تصور المنع من النقيض جزء لتصور الوجوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>