للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقل أحد هنا: إن الأمر بالشيء نفس النهي عن ضده؛ لكونه مكابرة وعنادًا، كما قررناه (١).

واختار الآمدي أن يقال: إنْ جَوَّزنا تكليف ما لا يطاق - فالأمر بالفعل ليس نهيًا عن الضد، ولا مستلزمًا للنهي عنه، بل يجوز أن يُؤمر بالفعل وبضده (٢) في الحالة الواحدة. وإن مُنع فالأمر بالشيء مستلزمٌ للنهي عن ضده. (٣)

هذا خلاصة ما يجده الناظر في كتب الأصول من المنقول في هذه المسألة، وهو هنا على أحسن تهذيب وأوضحه.

ومنهم مَنْ أجرى الخلاف في جانب النهي هل هو أمر بضد المنهي عنه؟ وقال إمام الحرمين: "مَنْ قال: النهي عن الشيء أمرٌ بأحد أضداده فقد اقتحم أمرًا عظيمًا، وباح بالتزام مذهب الكعبي (٤) في نفي الإباحة، فإنه إنما صار إلى ذلك من حيث قال: لا شيءَ يُقَدَّر مباحًا إلا وهو ضدُّ


(١) في (ص): "كما قررنا".
(٢) سقطت من (ك).
(٣) انظر: الإحكام ٢/ ٢٥٢.
(٤) هو: أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخي، المعروف بالكعبي، شيخ المعتزلة، ورأس طائفة: "الكعبية" منهم. ولد سنة ٢٧٣ هـ. وله تصنيف في الطعن على المحدثين يدل على كثرة اطلاعه وتعصبه. وكان داعية إلى الاعتزال، وكفّره الحافظ عبد المؤمن بن خَلَف التميميّ النسفيّ. من مصنفاته: "المقالات"، "الاستدلال بالشاهد على الغائب"، "الجدل"، وغيرها. توفي سنة ٣١٩ هـ.
انظر: سير ١٤/ ٣١٣، ١٥/ ٢٥٥، لسان ٣/ ٢٥٥، وفيات ٣/ ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>