للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى: الكعبية (١): فنقول: لاح من قول أبي القاسم الكعبي وهو البلخي وشيعتِه إنكار المباح، وقد خالفوا في ذلك عصابة المسلمين حيث أجمعوا على انقسام الأحكام إلى الخمسة، ولا بد من تلخيص محل النزاع ليقع الحِجاج على محزٍّ واحد.

واعلم أن إنكارهم المباح يحتمل وجهين:

أحدهما: أنه ليس فِعْلٌ مِنْ أفعال المكلفين بمباح أصلًا (٢)، وقد صرح بحكاية هذا عن الكعبي جماعةٌ، منهم إمام الحرمين في البرهان فإنه قال: إن الكعبي أنكر المباح في الشريعة (٣). وكذلك نقل أبو الفتح بن بَرْهان في "الوجيز" (٤) والآمدي (٥) وغيرهم، وهذا ظاهر الفساد.


(١) قال عبد القاهر البغدادي في "الفرق بين الفرق" ص ١٨١ - ١٨٢: "هؤلاء أتباع أبي القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخيّ، المعروف بالكعبي، وكان حاطب ليلٍ يدعي في أنواع العلوم، على الخصوص والعموم، ولم يحظ في شيءٍ منها بأسراره، ولم يُحط بظاهره فضلًا عن باطنه. . . والكعبية تعتقد أنه ليس لله تعالى إرادة على الحقيقة، وأن المقتول ليس بميت، وأنه يجب على الله فعل الأصلح في باب التكليف، وغيرها من العقائد الباطلة". ثم قال: "والبصريون من المعتزلة يكفِّرون البغداديين منهم، والبغداديون يكفِّرون البصريين، وكلا الفريقين صادق في تكفير الفريق الآخر كما بيناه في كتاب فضائح القدرية".
(٢) سقطت من (ص).
(٣) عبارته في البرهان ١/ ٢٩٤: "مما يتعلق بالمناهي الردُّ على الكعبي في مصيره إلا أنه لا مباح في الشريعة".
(٤) انظر: الوصول إلى الأصول ١/ ١٦٧.
(٥) انظر: الإحكام ١/ ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>