للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: وهو الذي أشعر به دليله، أنَّ كل فعل يُوصف بأنه مباح باعتبار ذاته - فهو واجب باعتبار أنه يترك به الحرام، ولا يكون الكعبي حينئذ مفاجئًا بإنكار المباح، وقد نقل عنه القاضي في "مختصر التقريب" (١) والغزالي في "المستصفى" (٢): أن المباح مأمور به دون الأمر بالندب، والندب دون الأمر بالإيجاب. (وقد) (٣) صَرَّح في "مختصر التقريب" بأنه لا يُسمِّي المباح واجبًا، ولا الإباحة إيجابًا (٤).

إذا عرفتَ ذلك فقد اسْتَدل الكعبي على (٥) هذا: بأن فعل المباح تَرْك الحرام؛ لأنه ما مِنْ مباح إلا وهو تركٌ لمحظور (٦)، وترك الحرام واجب؛ فيلزم أن يكون فِعْل المباح وَاجبًا من جهة وقوعه تَركًا لمحظور (٧).

وأجاب عنه المصنف: بأنا لا نسلِّم أن فعل المباح هو نفس ترك الحرام، يعني: أنه يلزم من فعل المباح ترك الحرام، ولا يلزم من ترك الحرام فعل المباح؛ لجواز تَرْكه بواجب أو مندوب، فلا يكون المباح تَرْكَ الحرام، بل شيئًا يحصل به تَرْكُه، لما عرفت من أن تركه قد يحصل به، وقد يحصل بغيره، فلم ينحصر تَرْكه في المباح.


(١) انظر: التلخيص ١/ ٢٥١.
(٢) انظر: المستصفى ١/ ٢٤٢.
(٣) سقطت من (ت).
(٤) انظر: التلخيص ١/ ٢٥١.
(٥) في (ت): "في".
(٦) في (ت): "المحظور".
(٧) أي: المباح في ذاته ليس واجبًا، ولكنه وسيلة لترك المحظور، فيكون واجبًا بالعَرَض.

<<  <  ج: ص:  >  >>