للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن شئت قلت: لو وجب لوجب إما لا لفائدة وهو عبث مستقبح عقلًا (١)، ولكن يلزم على هذا أن يكون المصنف أخل بأحد الأقسام (٢). وإما لفائدة عائدة إلى المشكور وهو الله (٣) سبحانه وتعالى، وهو محال لتنزهه سبحانه وتعالى عن الفوائد والأغراض. أو عائدة إلى العبد الشاكر في الدنيا وهو أيضًا باطل؛ لأنه مشقة وكلفة على النفس من غير حظ ونفع، أو عائدة إليه في الآخرة وهو أيضًا باطل؛ إذ لا استقلال للعقل بمعرفة الفوائد الأخروية.

وقد اعتُرض على هذا بأنه إن أُريد بأن العقل لا يستقل بمعرفة الفوائد الأخروية على وجه التفصيل - فهو مسلَّم، لكن ليس من شرط الوجوب العلم بالفوائد التفصيلية. وإنْ أريد الإجمالية - فلا نسلِّم أن العقل لا يستقل بمعرفتها؛ وذلك لأن القول في هذا مبني على قاعدة الحسن والقبح، وهي تقطع باتصال الثواب بفعل الواجبات العقلية، والعقاب بتركها. ولقائلٌ أن يقول: العقل لا يستقل بإدراك الآخرة، وكيف يستقل بالحكم بوجود دارٍ أخرى مخلوقة للجزاء والإحسان، وإذا لم يستقل بإدراكها لم يحكم بما يترتب عليها.

قال: (قيل: يدفع ظنَّ ضررِ الآجل. قلنا: قد يتضمَّنُه؛ لأنه تصرفٌ في مِلْكِ الغير، وكاستهزاءٍ لحقارة الدنيا بالنسبة إلى كبريائه؛ ولأنه ربما لا يقع لائقًا. قيل: ينتقض بالوجوب الشرعي. قلنا: إيجاب


(١) سقطت من (غ).
(٢) لأن المصنف لم يذكر احتمال "بلا فائدة"، وإنما ذكر الاحتمال الثاني.
(٣) سقطت من (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>