للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرع لا يستدعي فائدة).

اعترض على الوجه الأخير (١) بوجهين:

أحدهما: أنَّا نقول بعَوْد (٢) الفائدة إلى العبد الشاكر في الدنيا. قوله: مشقة (وكلفة) (٣) بِلَا حَظٍّ.

قلنا: لا نسلم أنه لا حظ لها في الشكر، وذلك لأن فائدة الشكر اندفاعُ ظنِّ العقاب في الآخرة على تركه؛ لأن العقاب على ترك الشكر احتمال راجح يُوجب للنفس القلقَ وعدمَ الطمأنينة، بل مجردُ تَوَهُّم العقاب قد يحصل فيه ذلك.

وأجاب المصنف بأنَّ ترك الشكر كما أنه يستدعي ما ذكرتم، كذلك الإقدام عليه؛ وذلك لأن مَنْ أقدم على الشكر فقد استعمل الأعضاء والقُوَى المملوكة لربه سبحانه وتعالى، وتصرف فيها بغير إذنه، والتصرف في ملك الغير بغير إذنه يوجب ما ذكرتم.

وأيضًا فالشاكر لأنعمه تعالى مُنَزَّل منزلة المستهزئ بالمنعِم؛ لأن نعم الدنيا وإنْ جَلَّ خَطْبها فهي بالنسبة إلى كبريائه تعالى أقلُّ من لقمةٍ بالنسبة إلى مَلِك عظيم؛ لأن نسبة ما يتناهى إلى مِثْله أقلُّ من نسبته إلى ما لا نهاية له، ولا ريب في أن القائم في المحافل يشكر الملِك بسبب ما أسداه إليه من لقمة خبز - معدودٌ من المستهزئين،


(١) وهو قوله: لو وجب لوجب لفائدة. . . إلخ.
(٢) في (ص): "تعود".
(٣) سقطت من (ت).

<<  <  ج: ص:  >  >>