للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأهلها، وبأنهم في حاجة إلى دعامة يستندون إليها في حكمهم، ويستعينون بها على إرضاء الشعب، فلم يجدوا أمامهم سوى فئة العلماء، بحكم ما للدين ورجاله من قوةٍ وأثر. فالمماليك احترموا العلماء ورجال الدين؛ لأنهم قوة لها خطرها في اكتساب الرأي العام في البلاد، ولأن بهم عرفوا دين الإسلام وفي بركتهم يعيشون.

ومن جهةٍ أخرى فإن المُعَمَّمين اعتدوا بمكانتهم في عصر المماليك فعمدوا أحيانًا إلى معارضة السلاطين في الحق، حتى حكى ابن بطوطة (١) عن السلطان الناصر محمد بن قلاوون أنه قال: إني لا أخاف أحدًا إلا شمس الدين الحريريَّ (٢) قاضي قضاة الحنفية. على أن هذه المكانة الكبرى التي


(١) هو محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم اللواتي الطنجي، أبو عبد الله ابن بطوطة. رحَّالة، مؤرخ. ولد ونشأ في طنجة بالمغرب الأقصى سنة ٧٠٣ هـ. وخرج منها سنة ٧٢٥ هـ ورحل إلى الشرق فطاف بالبلدان، ولقي من الملوك والمشايخ خلقًا كثيرًا. ثم رجع إلى المغرب الأقصى فانقطع إلى السلطان أبي عنان (من ملوك بني مرين) فأقام في بلاده، وأملى أخبار رحلته على محمد بن جزيِّ الكلبي بمدينة فاس سنة ٧٥٦ هـ، وسماها "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار". ترجمت إلى اللغات البرتغالية والفرنسية والإنجليزية، ونشرت بها، وترجمت فصول منها إلى الألمانية ونشرت أيضًا. واستغرقت رحلته ٢٧ سنة. ومات في مراكش سنة ٧٧٩ هـ. انظر: الدرر ٣/ ٤٨٠، الأعلام ٦/ ٢٣٥، معجم المؤلفين ١٠/ ٢٣٥.
(٢) هو محمد بن عثمان بن أبي الحسن بن عبد الوهاب الأنصاري القاضي شمس الدين بن صفي الدين الحريري الحنفي، كان أبوه يتجر في الحرير. ولد سنة ٦٥٣ هـ. ولي قضاء دمشق، ثم طُلب إلى مصر فولي القضاء بها سنة ٧١٠ هـ. له شرح على الهداية، ومصنف في منع استبدال الوقف. توفي سنة ٧٢٨ هـ. انظر: الدرر ٤/ ٣٩، الجواهر المضية ٣/ ٢٥٠، معجم المؤلفين ١٠/ ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>