وصل إليها العلماء في عصر المماليك لم تمنع بعض السلاطين والأمراء من التعرض لهم بالنقد والتهكم.
ولم يرض المماليك أن تشاركهم فئةٌ من السكان في ركوب الخيل، فاشترطوا على السلاطين حرمان المتعممين من ركوبها، وكثيرًا ما انسابت جموع المماليك في شوارع القاهرة للاعتداء على الفقهاء والمعممين وإنزالهم عن خيولهم وسلبهم إياها.
أما التجار فكانوا يؤلفون طبقة مقربة أحيانًا إلى سلاطين المماليك؛ لأنهم أحسوا بأن التجار دون غيرهم هم المصدر الأساسي الذي يمدهم بالمال في ساعات الحرج والشدة، وتدل جميع الشواهد على أن التجار تمتعوا في عصر المماليك بثروات طائلة، وهذا أمر طبيعي في عصرٍ كانت مصر حلقة النشاط التجاري بين الشرق والغرب. على أن كثرة الثروة في أيدي التجار جعلتهم دائمًا مطمع سلاطين المماليك، فأكثروا من مصادرتهم بين حينٍ وآخر، فضلًا عن إثقالهم بالرسوم الباهظة، لذلك لم يطمئن التجار في عصر المماليك على أموالهم وتجارتهم، بل كانوا يدعون على أنفسهم أحيانًا أن يغرقهم الله حتى يستريحوا مما هم فيه من الغرامات والخسارات وتحكُّم الظلمة فيهم (١).
(١) انظر: العصر المماليكي في مصر والشام ص ٣٢٠ - ٣٢٤.