للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمحال) (١)، بل الحق تفسير التوقف بعدم الحكم، وبه صَرَّح القاضي في "مختصر التقريب" فقال: صار أهل الحق إلى أنه لا حكم على العقلاء قبل ورود الشرع، وعبَّروا عن نفي الأحكام بالوقف (٢)، ولم يريدوا بذلك الوقف الذي يكون حكمًا في بعض مسائل الشرع، وإنما عَنَوْا به انتفاء الأحكام (٣). انتهى. وهو مُصَرِّح ببطلان ما ذهب إليه المصنف من التفسير، وكذا قال إمام الحرمين في "البرهان": "لا حكم على العقلاء (قبل الشرع) (٤) " (٥). وليس مراده إلا الوقف لعدم الحكم. وقال الغزالي: "إنْ أراد أصحاب الوقف أن الحكم موقوف على ورود السمع، ولا حكم في الحال - فصحيح. وإنْ أرادوا عدم العلم فهو خطأ" (٦).

فإن قلت: الوقف: هو الإمساك عن الحكم بشيءٍ، فلا يناسبُ تفسيرَه بالجزم بأن لا حكم.

قلت: معنى الوقف يرجع إلى أنَّ فعل المكلف قبل البعثة لا يوصف بإباحة ولا حرمة؛ لعدم التعلق به. فالتوقف إنما هو في وصْف الفعل، لا في وجود الحكم وعدمه، لكن لما كان السببُ في هذا الوقف القطعَ بعدم الحكم بمعنى عدم التعلق - فَسَّرنا التوقف بعدم الحكم تجوزا.


(١) سقطت من (ت).
(٢) في (ص): "بالتوقف". والمثبت هو الموافق لما في "التلخيص".
(٣) انظر: التلخيص ٣/ ٤٧٣.
(٤) في (غ)، و (ك): "قبل ورود الشرع".
(٥) البرهان ١/ ٩٩.
(٦) المستصفى ١/ ٢٠٩، مع اختصار وتصرف من الشارح.

<<  <  ج: ص:  >  >>