للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتصف الباري بكونه خالقًا رازقًا فيما لا يَزالُ (١) (٢)، وجَعَل ذلك مِنْ صفات الأفعال (٣). وهذا ضعيف؛ لأنه إثباتٌ لكلامٍ خارجٍ عن كونه أمرًا ونهيًا ووعدًا ووعيدًا إلى استتمام أقسام الكلام، وذلك مستحيل قطعًا (٤)، فلئن جاز ذلك فما المانع من المصير إلى أن الصفة الأزلية ليست كلامًا أزلًا ثم يستَجِدُّ كونها كلامًا فيما لا يزال (٥).


(١) يعني: وإنما تثبت صفات الخلق والرزق عند وجود الخلق والرزق.
(٢) انظر: البرهان ١/ ٢٧٠.
(٣) الصفات الفعلية عند الأشاعرة: هي التي يتوقف ظهورها على وجود الخلق. والحدُّ بين صفات الذات وصفات الفعل: أن ما يلزم من نفيه نقيضه فهو من صفات الذات، فإنك لو نفيت الحياة للزم الموت، ولو نفيت القدرة للزم العجز، وكذا العلم مع الجهل، ولو نفيت الإرادة للزم منه الجبر والاضطرار، ولو نفيت عنه سبحانه الكلام للزم الخرس والسكوت، فثبت أنها من صفات الذات. وأن ما لا يلزم من نفيه نقيضه فهو من صفات الفعل، فلو نفيت الإحياء أو الإماتة أو الخلق أو الرزق لم يلزم منه نقيضه. وصفات الأفعال حادثة عند الأشاعرة؛ لأنها عبارة عن تعلقات القدرة، وتعلقاتها حادثة. انظر: شرح الجوهرة ص ١٢٠، ١٢١، في شرح البيت الثلاثين.
(٤) يعني: ما قاله أبو العباس القلانسي - رحمه الله تعالى - ضعيف؛ لأنه تكلم عن كلام الله تعالى في الأزل، وهو كلامه النفسي كما هو عند الأشاعرة، فهذا الكلام لا يوصف بكونه أمرًا ونهيًا ووعدًا ووعيدًا، إلى غير ذلك من أقسام الكلام اللفظي. فَوَصْفُ الكلام النفسي بأوصاف الكلام اللفظي مستحيل قطعًا.
(٥) يعني: فلئن جاز أن لا يُسَمَّى الله آمرًا إلا بوجود المأمور، ولا خالقًا إلا بوجود المخلوق، فما المانع مِنْ أَنْ نُجري هذا الأمر في الكلام النفسي، ونقول: إن كلامه النفسي ليس كلامًا إلا إذا وُجِد المخاطَب بذلك الكلام. وهذا التضعيف نقله السبكي عن إمام الحرمين في البرهان ١/ ٢٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>