للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب بعض الفقهاء كما حكاه القاضي في "مختصر التقريب" إلى أن الأمر قبل وجود المأمور أمْرُ إنذار وإعلام وليس بأمر إيجاب (١).

وهو ضعيف؛ لأن ما فروا منه في الإيجاب يلزمهم في الإعلام؛ فإنه (٢) كما يُستبعد إلزام المعدوم (٣) يُستبعد إعلامه.

واحتج أصحابنا: بأن الواحد منا يصير مأمورًا بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أن ذلك الأمرَ ما كان موجودًا إلا حال عدمنا.

قال: (قيل الرسول عليه السلام أخبر بأنَّ مَنْ سيُولد (٤) فالله سيأمره. قلنا: أمر الله في الأزل معناه: أن فلانًا إذا وُجِد فهو مأمور بكذا. قيل: الأمر في الأزل ولا سامعَ ولا مأمورَ عبثٌ، بخلاف أمر الرسول عليه السلام. قلنا: مبني على القبح العقليّ، ومع هذا فلا سَفَه أنْ يكون في النفس طلبُ التعلُّم من ابنٍ سَيُولد).

اعترض الخصوم على الدليل المتقدم: بأنه لا يصح قياس أمر الله تعالى على أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه صلى الله عليه وسلم مبلِّغ لأمر الله تعالى، فيكون مُخْبِرًا عن الله بأن فلانًا إذا وُجد وانخرط في سلك مَنْ يفهم الخطاب فالله يأمره بكذا، وإذا كان كذلك لم يكن أمرًا للمعدوم بشيء.


(١) انظر: التلخيص ١/ ٤٥٠.
(٢) في (ت): "لأنه".
(٣) في (ت)، و (ص)، و (ك): "المأمور". وهو خطأ، إلا إذا تأولناه بالمأمور قبل وجوده، لكن فيه لبس. والثبت هو الصواب، والموافق لما في التلخيص ١/ ٤٥١.
(٤) في (ت): "ولد".

<<  <  ج: ص:  >  >>