للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجاب المصنف: بأنا أيضًا نقول: أمْرُ الله في الأزل معناه: أنه أخبر بأنَّ مَنْ سيوجد ويستعِدُّ لتعلُّق الأمر به - يصير مأمورًا بأمري، كما قلتم في أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

فإن قلت: (إذا كان أمْر الله بمعنى الإخبار فلا يكون أمرًا حقيقيًا. قلت) (١): كذا ذهب إليه بعض الأشاعرة. وضعَّفه الإمام بوجهين:

أحدهما: أنه إنْ كان مُخْبِرًا لنفسه فهو سَفَه، أو لغيره فمحال؛ إذ ليس ثَمَّ غيره، ولهذا ذهب مَنْ صار إلى أنَّ كلام الله في الأزل (٢) لم يكن أمرًا ولا نهيًا، ثم صار فيما لا يزال كذلك.

واعترض عليه القرافي بأنا نقول: "إنه مخبِر لنفسه، والقائل يُسند (٣) في فكره طول ليله ونهاره، ولا معنى لذلك (٤) إلا الإخبارات، وأجمع العقلاء مع ذلك على حسنه، فلا يكون في حق الله تعالى قبيحًا، بل الله تعالى عالم بجميع معلوماته، ويخبر عن كل معلوم بخصائص صفاته، وأحواله، ولا استحالة في ذلك. ولم يزل الله تعالى في الأزل يُخبر عن صفات كماله، ونعوت جلال نفسِه بكلامه النفسي أزلًا وأبدًا، ولا يَسْمع ذلك إلا اللهُ


(١) سقطت من (ت).
(٢) عبارة الرازي في المحصول ١/ ق ٢/ ٤٣٣: "ولصعوبة هذا المأخذ ذهب عبد الله بن سعيد بن كُلَّاب التميمي من أصحابنا: إلى أن كلام الله تعالى في الأزل. . .".
(٣) في (ت)، و (ص)، و (ك): "والعاقل يستند". وهو تصحيف، والمثبت من نفائس الأصول ٤/ ١٦١٦. والمعنى: أن القائل المتكلم في نفسه يُسند القول ويعوزه وينسبه في نفسه.
(٤) أي: الإسناد. وهذا مما تصرف فيه الشارح، وإلا فعبارة القرافي: "ولا معنى للإسنادات إلا الإخبارات". نفائس الأصول ٤/ ١٦١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>