للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمْرُه يصدق طَوْرًا باللسان وطورًا بالجَنان - فلا ضرورة بنا إلى أن (١) نقدِّر قيام المطلب بذاته مِنْ معدوم، وما لنا لا نؤخِّره إلى حين يُوجد ذلك المعدوم، فَوَضح السِّر في كون أمر الله تعالى من الأزل، وثبوت الفارق بين الغائب والشاهد، وأنه لا يصح قياس أحدهما على الآخر. وما ذكره الخصوم من الحُسْن والقبح والهذيان والسفه والانتظام والاتساق (٢) في أمرٍ ولا مأمورَ وغيرِها كلُّها من نعوت المُحْدَثات، والقديم يتقدس عنه، ويُحَقِّق هذا أن مَنْ أحبَّ أن يُحيط علمًا بقَطْر البحار وأوراق الأشجار - عُدَّ سفيهًا واستُقْبح منه ما أتى به، بخلاف الرب سبحانه وتعالى. فالمعدوم الذي وُجد أنه متوقف على أمره، وقد قَدَّر وجودَه في وقتٍ معلومٍ لا يتخلَّف عنه، على صفةٍ معلومةٍ لا انفكاكَ لها دون أمره - نازلٌ عنده مَنْزِلة الموجود، فهو يأمره وينهاه ولا قبح في (٣) هذا في جانب الباري سبحانه وتعالى، وهذا واضح لمن تدبره، ومَنْ أراد الزيادة فالكتب الكلامية التي وضعها أصحابنا بين أظهرنا.

وإمام الحرمين قال: إن هذا الموضع مما يستخيرُ اللهَ فيه، ووعدَ بإملاء مجموعٍ عليه (٤)، وقال: قولُ القائل إنه مأمور على تقدير الوجود تلبيس (٥)،


(١) سقطت من (ص).
(٢) الاتساق: الانتظام. لسان العرب ١٠/ ٣٨١، مادة (وسق).
(٣) سقطت من (ص)، و (ت).
(٤) انظر: البرهان ١/ ٢٧٥.
(٥) في (ت): "يلتبس". وفي (ص): "تَلَبُّس". والمثبت هو الموافق لما في البرهان. وفي اللسان ٦/ ٢٠٤ مادة (لبس): "اللَّبْس واللَّبَس: اختلاط الأمر. . . والتلبيس =

<<  <  ج: ص:  >  >>