للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيره للتغليظ عليه، أو يُحْمل قوله (١) على السكران الذي لا يَنْسَلُّ عن رتبة التمييز، دون الطافح المغشِيِّ عليه. ولا ينبغي أن يَظُنَّ ظانٌّ مِن (٢) ذلك أن الشافعي يُجَوِّز تكليف الغافل مطلقًا، فَقدْره - رضي الله عنه - يَجِلُّ (٣) عن ذلك، وأظهر الرأيين عندنا أن الشافعي فَصَّل بين السكران وغيره. ثم إنا نقول: لعل ذلك هو الحق دالِّين عليه بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} (٤).

فإن قلت: لعل المراد بالسكران في الآية النشوان الذي لا يَنْسَلُّ عن رتبة التمييز.

قلت: هذا التأويل ينافي سياق الآية، فإن الرب تعالى قال: {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}، وليس عندي على مَنْ قال إنَّ السكران مكلَّف إلا إشكال دقيقٌ لولاه لجزمت القولَ بأنه مكلَّف: وهو أنه يلزمُ مَنْ قال إنه مكلَّف أن يأمره بالوضوء ويطالبه بالصلاة، ويَرِد عليه إذن قوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} فإن تحريم الصلاة عليه لا يُجامِع مطالبتَه بها، فالآية تصلح مُعْتَصَمًا للفريقين، فمَن يكلفه يقول: الله قد (٥) خاطبه. ومَن يمنع يقول: قد أمره بأن لا يقرب الصلاة.


(١) في (ص) و (ك)، و (غ): "كلامه".
(٢) في (ت)، و (غ): "في".
(٣) بكسر الجيم. انظر: المصباح ١/ ١١٥.
(٤) سورة النساء: الآية ٤٣.
(٥) سقطت من (ت)، و (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>