للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: كيف لا تكلفون النائم وهو يضمن ما يُتْلِفه في نومه، ويقضي الصلوات التي تمر عليه مواقيتُها، إلى غير ذلك من الأحكام؟

قلت: الذي قلناه: إنه لا يخاطب في حال نومه، ولكن يتوجه عليه الخطاب بعد ذلك؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من ترك صلاةً أو نسيها فليصلها إذا ذكرها" (١).

فإن قلت: إنما يُخَاطب في اليقظة بسبب ما تقدم في النوم.

قلت: مقصِدُنا نفي الخطاب في حال النوم، فأما ثبوت أسباب يُسْنَد إليها تَثْبِيت (٢) الأحكام في اليقظة - فمما لا ننكره. ويوضح هذا أن الصبي الذي لا يميز لو أتلف شيئًا لطالبناه ببدله، فوجوب الزكوات، والغُرْم، والنفقات - ليس من التكليف، بل الإتلاف، وملك النصاب - سبب لثبوت هذه الحقوق في ذِمَّة الصبيان، بمعنى: مخاطبة الولي في الحال بالأداء، ومخاطبة الصبي بعد البلوغ. وذلك غير محال،


(١) أخرجه البخاري ١/ ٢١٥، في مواقيت الصلاة، باب مَن نسي صلاة فليصلِّ إذا ذكرها، رقم الحديث ٥٧٢، بلفظ: "مَن نسي صلاة فليصلِّ إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك". ومسلم ١/ ٤٧٧، في كتاب المساجد، باب قضاء الصلاة الفائتة، رقم الحديث ٦٨٤، وفي بعض رواياته: "مَن نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يُصَلِّيَها إذا ذكرها". وفي رواية: "إذا رَقَد أحدكم عن الصلاة أو غَفَل عنها فليصلِّها إذا ذَكَرها" وليس فيهما: "من ترك" ولو كان الأمر كذلك لكان نصًّا في موضوع الخلاف ولاستدل به القائلون بوجوب قضاء الفوائت. وانظر: تلخيص الحبير ١/ ١٥٥، ١٨٥، إرواء الغليل ١/ ٢٩١.
(٢) في (ص): "تثبت".

<<  <  ج: ص:  >  >>