للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هفوة عظيمة فإنهم لا يمنعون النهي عن الشيء مع الحمل عليه، فإن ذلك أشدُّ في المحنة واقتضاء الثواب، وإنما الذي منعوه الاضطرار إلى فعلٍ مع الأمر به" (١). انتهى.

وقد تابع القاضيَ جماعةٌ من الأصحاب على إلزام المعتزلة بذلك وهو صحيح، وما ذكره إمام الحرمين حقٌّ من هذا الوجه، ولكنِ المُلْزِمون لم يوردوه على هذا المأخذ، بل هو من جهة أنهم منعوا أن المكره قادرٌ على عين الفعل المكرَه عليه، فبَيَّن الملزمون أنه قادر؛ لأن المعتزلة كلفوه بالضد، وعندهم أن الله تعالى لا يكلِّف العبد إلا بعد خلق القدرة على الفعل، والقدرة عندهم على الشيء قدرة على ضده، فإذا قَدَر على ترك القتل قَدَر على القتل.

قال الغزالي: "وهذا ظاهر، ولكن فيه غَوْر: وهو أن الامتثال إنما يكون طاعةً إذا كان الانبعاث له بباعث الأمر والتكليف دون باعث الإكراه، فالآتي بالفعل مع الإكراه إن أتى به لداعي الإكراه فلا يكون مجيبًا داعي الشرع، وإنْ أتى به لداعي (٢) الشرع فصحيح (٣) ".

قال بعض المتأخرين: وهذا الذي ذكره إنما هو في (٤) العبادات المشروط فيها النية، أما ما لا يشترط فيه النية: كرد الغصوب، والودائع، وتسليم


(١) البرهان ١/ ١٠٦ - ١٠٧.
(٢) سقطت من (ت).
(٣) انظر: المستصفى ١/ ٣٠٣، مع تصرف من الشارح.
(٤) سقطت من (ص)، و (ت).

<<  <  ج: ص:  >  >>