للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حال ترك المأمور به مباشر للترك، والترك فِعْلٌ وهو حرام، فقد باشر الترك؛ فتوجَّه عليه التكليف بالحرمة حال مباشرة الترك، والعقاب ليس إلا على الترك، وهذا في غاية الحسن.

وقد أشار إليه إمام الحرمين في مسألة تكليف ما لا يطاق (١)، وهو أجل ما يستفاد من شرحنا في هذه المسألة (٢)، وليس عندي فيه (٣) إلا أنه يلزم منه أن يقال: تارك الصلاة مثلًا غير مكلَّف بالصلاة، بل بتَرْك تَرْك الصلاة الذي يلزم منه الصلاة (٤)، وقد ادَّعى إمام الحرمين اتفاقَ أهل الإسلام على أن القاعد في حال قعوده مأمور بالقيام، فإنْ صح الإِجماع هكذا فهو (٥) يَصُدُّ عن القول بأن التكليف لا يتوجه إلا حال المباشرة، وإنْ أمكن ردُّه إلى تَرْك التَّرْك كما قررناه فهذا المذهب منقدح (٦) (٧).


(١) انظر: البرهان ١/ ١٠٣.
(٢) أي: هذا الذي بيناه: وهو أن الترك فِعْلٌ، فالتارك مكلَّف بترك تركه - أجلُّ ما يستفاد من شرحنا في هذه المسألة.
(٣) أي: ليس عندي في هذا الجواب شك أو شبهة.
(٤) لأنَّ سَلْبَ السلب إثبات.
(٥) في (ص): "فهل". وهو خطأ؛ لأن المقامَ مقامُ تقريرٍ لا استفهام.
(٦) المعنى والله أعلم: أنه إنْ صَحَّ الإجماع على أن القاعدَ مأمورٌ بالقيامِ حال قعوده - فهذا الإجماع يَصُدُّ عن القول بأن التكليف لا يتوجه إلا حال المباشرة. لكن إنْ أمكن ردُّ هذا الإجماع إلى تَرْك التَّرْك كما قَرَّره الشارح - فنقول: القاعد: مأمور بترك ترك القيام، الذي يلزم منه القيام، فيكون القاعد مكلَّفًا حال مباشرته ترك القيام، لا أنه مكلَّف قبل مباشرة القيام كما ادعى إمام الحرمين، لأن تركه للقيام فِعْلٌ وهو مباشر له، فتكليفه بتركه - تكليفٌ حال المباشرة لا قبله، فعلى هذا يتجه مذهب الإمام والمصنف، ويكون له حظ من النظر.
(٧) انظر المسألة في: المحصول ١/ ق ٢/ ٤٥٦، التحصيل ١/ ٣٣٢، الحاصل ١/ ٤٨٥. =

<<  <  ج: ص:  >  >>