للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اعترض العِبْري (١): بأنه إذا كان الفعل قبل المباشرة غيرَ مقدور عليه، وعند المباشرةِ واجب الوقوعِ - فيلزم التكليف بالممتنع أو الواجب، وهو محال. هذا شرح ما في الكتاب على الاختصار، والمسألة دخيلة في هذا العلم، والكلام فيها مما لا يكثر جدواه، والذي نقوله: إن الحق في إحدى جهتين إلى الأشاعرة مَرْجِعُهما:

إحداهما: القول بأن التكليف متوجه قبل المباشرة، وحال المباشرة أيضًا، وهو المنقول عن المحققين.

والثانية: أن التكليف لا يتوجه إلا حال المباشرة. وهو مختار الإمام، وصاحب الكتاب، وهو عندنا منقدح (٢)، لا يمنعنا عن الجزم به إلا ما سنذكره بعد سؤال وجواب سنوردهما (٣) إن شاء الله تعالى.

فإن قلت: هذا يؤدي إلى أن المكلَّف لا يَعصي بترك مأمور به؛ لأنه إنْ اتى به كان ممتثلًا، وإن لم يأت كان معذورًا لعدم التكليف.

قلت: هذا من الأسئلة التي قامت بها الشناعة على القائل بهذه المقالة، وجوابه عندنا دقيق فنقول: إذا كان التكليف متوجهًا حال المباشرة - فهو


(١) هو عبيد الله بن محمد الهاشمي الحسيني الفرغانيّ الشريف المعروف بالعِبْري، الشافعي. كان عارفًا بالأصلين، وشرح مصنفات القاضي ناصر الدين البيضاوى "المنهاج"، و"المطالع" و"الغاية"، و"المصباح". ولي قضاء تِبْريز، وتوفي سنة ٧٤٣ هـ. انظر: الدرر ٢/ ٤٣٣، شذرات ٦/ ١٣٩.
(٢) أي: متجه، له حظ من النظر.
(٣) في (ص): "نوردهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>