للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِنْ خطاب الوضع كون الزنا سببًا لوجوب الحد، وذلك ثابت في حقهم، ولذلك رجم النبي - صلى الله عليه وسلم - اليهوديين (١)، ولا يحسن القول ببناء ذلك على تكليفهم بالفروع، فإنه كيف يقال بإسقاط الإثم عنهم فيما يعتقدون تحريمه؛ لكفرهم (٢)! وهذا في الكتابي الذي يَعتقد شرعًا، أما من لا يَعتقد


(١) أخرجه البخاري في عدة مواضع، منها ١/ ٤٤٦، كتاب الجنائز، باب الصلاة على الجنائز بالمُصَلَّى والمسجد، حديث رقم ١٢٦٤. وفي كتاب المحاربين، باب أحكام أهل الذمة ٦/ ٢٥١٠، حديث رقم ٦٤٥٠. وانظر الأرقام الآتية: ٣٤٣٦، ٤٢٨٠، ٦٤٣٣، ٦٩٠١، ٧١٠٤. وأخرجه مسلم في صحيحه ٣/ ١٣٢٦، كتاب الحدود، باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى رقم ١٦٩٩. وأبو داود ٤/ ٥٩٣ - ٥٩٥، في كتاب الحدود، باب في رجم اليهوديين، رقم ٤٤٤٦. والترمذي ٤/ ٣٤، في كتاب الحدود، باب ما جاء في رجم أهل الكتاب، رقم ١٤٣٦. وابن ماجه ٢/ ٨٥٤، في كتاب الحدود، باب رجم اليهودي واليهودية، رقم ٢٥٥٦.
وفي الباب عن ابن عمر، والبراء، وجابر، وابن أبي أوفى، وعبد الله بن الحارث بن جُزْء، وابن عباس، رضى الله عنهم جميعًا.
(٢) قوله: "لكفرهم" متعلِّق بقوله: "بإسقاط الإثم عنهم". والمعنى: أنه لا يحسن بناء مسألة وجوب الحد عليهم بسبب الزنا على مسألة تكليف الكفار بالفروع؛ لأن هذا الخلاف إنما يكون في أحكام ديننا التي لا يعتقدونها ولا يدينون بها، أما إذا كانوا يعتقدون ما نعتقده ويدينون به فهم مكلفون به بمقتضى دينهم الموافق لديننا، فكيف يحصل بعد ذلك خلاف في هذا، ويقول مانعُ تكليفِهم بأن الإثم ساقط عنهم لكونهم كفارًا! الأظهر أن هذه الصورة خارجة عن محل النزاع. هذا ما يدل عليه كلام الشارح رحمه الله تعالى. وقد ذهب المالكية إلى عدم إقامة حد الزنا على الذمي، بل يُرد إلى أهل دينه، لكن يُمنع من إظهاره ويُعاقب إذا أعلنه، وإذا اختاروا أن يَحكم حاكمُنا بينهم حَكَم بحكم الإسلام، لكن لا يقام حد الرجم عليه؛ لأن النكاح في الشرك لا يُحَصِّن عند المالكية؛ لفساد أنكحتهم عندهم، فالإحصان لا يكون إلا =

<<  <  ج: ص:  >  >>