للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتج مَنْ قال بعدم تكليف الكفار بالفروع: بأنها لو وجبت عليهم لكانت إما في حال الكفر أو بعده، والأول باطل؛ لامتناع الإتيان بها في تلك الحالة، وكذلك الثاني؛ لإجماعنا على أن الكافر إذا أسلم لا يؤمر بالقضاء، لقوله عليه السلام: "الإسلام يَجُبُّ ما قبله" (١).

وأجاب المصنف: بأن فائدة قولنا: إنهم مكلَّفون بالفروع - تضعيفُ العذاب عليهم يوم القيامة.

ولقائل أن يقول: التعذيب في الآخرة متوقف على سبق التكليف لا محالة، ويعود الكلام إلى أن التكليف بها إما في حالة الكفر أو بعده. بل الجواب أنا نقول: هو مكلف بإيقاع ذلك بأن يُسْلم ويُوقع، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الإسلام يَجُبُّ ما قبله" - فحجةٌ لنا؛ لأن قوله: "يَجُبُّ" (٢) يقتضي سبق التكليف به، ولكن يسقط ترغيبًا في الإسلام. ومن الدلائل الواضحة على أن الكافر مكلّف بالفروع مطلقًا (٣) ولم أرَ مَنْ ذكره - قولُه تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ} (٤) إذْ لا يمتري الفهمُ في أن زيادة هذا العذاب إنما هو بالإفساد الذي هو قَدْرٌ زائدٌ على الكفر، إما الصَدُّ أو غيره. وأما قول الأصوليين:


(١) أخرجه أحمد في المسند ٤/ ٢٠٥، ومسلم في صحيحه ١/ ١١٢، كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج، رقم ١٢١.
(٢) سقطت من (ت).
(٣) سقطت من (غ).
(٤) سورة النحل: الآية ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>