وهي أول مدرسة بُنيت في القاهرة على المذاهب الأربعة - الشافعي والمالكي والحنفي والحنبلي - واستمرت هذه المدرسة تؤدي رسالتها في خدمة السنّة حتى القرن التاسع الهجري - الخامس عشر الميلادي - على أيام المؤرخ تقي الدين المقريزي. وهكذا سار المماليك على سُنَّة الأيوبيين في إنشاء المدارس، فحرصوا على أن يجعلوا منها أداةً لخدمة السنّة ومذاهبها. من ذلك ما أورده النويري من وصفٍ للمدرسة الناصرية التي أقامها السلطان الناصر محمد بن قلاوون، إذ يقول إنه كان بها أربعة أواوين كل منها خاص بأحد مدرسي المذاهب الأربعة، فالمدرّس المالكي اختص بالإيوان القبلي، والشافعي بالإيوان البحري، والحنفي بالإيوان الشرقي، والحنبلي بالإيوان الغربي.
ولم تكن المدارس هي المؤسسات الدينية الوحيدة التي أكسبت عصر المماليك طابعه الديني الخاص، بل شهد ذلك العصر إقامة مؤسسات أخرى عديدة مثل المساجد والزوايا وغيرها. والملاحظ أن كلًّا من المدرسة والجامع في ذلك العصر قامت بدور مزدوج في خدمة الدين والعلم، ولكن الفارق بين الحالتين هو أن المدرسة - كما يتضح من اسمها - استهدفت أولًا خدمة العلم وجاء نشاطها الديني ضمنيًا عن طريق تدريس العلوم الدينية مثلًا، وبالعكس كان الهدف الأول من الجامع أو المسجد خدمة الدين
= من كبار الملوك الأيوبيين بمصر. ولد بالقاهرة سنة ٦٠٣ هـ. ولي بعد خلع أخيه العادل سنة ٦٣٧ هـ، وضبط الدولة بحزم، وكان شجاعًا مهيبًا عفيفًا صموتًا. مات بناحية المنصورة، ونقل إلى القاهرة، سنة ٦٤٧ هـ. من آثاره: قلعة الروضة بالقاهرة. انظر: الأعلام ٢/ ٣٨، السلوك لمعرفة دول الملوك ١/ ٤٣٥ - ٤٤٣.