للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن التعلُّم قد فُهِم من قولنا: علمتُه. فوضح أنه لو لم يصح: علمتُه فما تعلم - لكان إما أن لا يصح: علمتُه فتعلم، بناءً على أن العلةَ مع المعلول، أوْ لا يكون في قولنا: فتعلَّم - فائدة، بناءً على تأخر المعلول.

فإنْ قلت: أليس أنه لا يقال: كَسَّرتُه فما انكسر، فما وجه صحة قولنا مع ذلك: علَّمتُه فما تعلم؟

قلت: فَرَّق والدي أحسن الله إليه بينهما: بأن العلم في القلب من الله يتوقف على أمورٍ من المعلِّم ومن المتعلم، فكأن (١) علَّمتُه موضوعًا للجزء الذي من المعلِّم فقط؛ لعدم إمكان فعلٍ من المخلوق يحصل به العلم ولا بد, بخلاف الكسر فإنَّ أثره لا واسطة بينه وبين الانكسار (٢). وهو جواب دقيق.

والإنصاف أن هذه ظاهرة فيما ادعاه الشيخ (٣)، فالمتوقف (إنْ


= الكلامين منافاة: علَّمته (أي: أثبت فيه العلم، فالعلم ثابت مع التعليم) فتعَلَّم (وهذا يفيد بأن التعلم حصل بعد التعليم)، فكما لا يصح: علمته فلم يتعلم، كذلك لا يصح: علمته فتعلم، والتنافي في الأول من جهة النفي والإثبات، وفي الثاني من جهة التعقيب وعدمه.
(١) في (ص): "وكأن": و (المكتوب في (ت)، و (غ)، و (ك): "فكان". وفي (ص): "وكأن". ولكن النسخ المخطوطة كثيرًا ما تهمل التنقيط ووضع الهمز. فيتعين فيها تقدير الهمز، والله أعلم).
(٢) لأن الكسر لا يحتاج إلا إلى فِعْل المكسِّر، وليس هناك أمرٌ ثاني.
(٣) يعني: والإنصاف أن هذه الآية: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} ظاهرة فيما ادعاه الشيخ أبو الحسن الأشعري من التوقيف، لا قطعية فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>