للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا أيضًا خلاف الظاهر؛ إذ الظاهر من التعليم (الإيجاد دون الإلهام) (١) (٢). قال بعضهم: وأصل التفعيل لإثبات أثر الثلاثي المشتق منه، يقال: سودتُه فتسود، وقول الإمام: يقال: علمتُه فلم يتعلم - ممنوع (٣).

قلت: وهذا المنع غير منقدح، وقد كان الإمام علاء الدين الباجي، يقول: لو لم يصح: علَّمتُه فما تعلم - لما صح: علَّمتُه فتعلم؛ لأنه إذا كان التعليم يقتضي إيجاد العلم وهو علة فيه، فمعلوله وهو التعلم (٤) يوجد معه بناءً على أن العلة مع المعلول، والفاء في قولنا: فتعلم - تقتضي تعقيبَ التعلم (٥). وإنْ قلنا: إن المعلول يتأخر، فنقول: لا فائدة قي قولنا: فتعلم؛


(١) في (ص): "الإيجاد الأول للإلهام". وهو خطأ.
(٢) المعنى: أن القائلين بأن المراد بالتعليم في الآية هو أن الله تعالى ألهم آدم عليه السلام الاحتياج إلى هذه الألفاظ، وأعطاه العلوم والقدرة على الوضع، بنوا هذا التفسير على معنى التعليم، وأن معناه: هو الفعل الصالح لأن يترتب عليه حصول العلم، وهو هنا إلهام الله تعالى لآدم أن يضع اللغة، وتمكينه من ذلك، وإعطاؤه القدرة عليه حتى حَصَل عن تلك القدرة العلمُ باللغة. هذا ما قاله الرازي. وردَّ عليه الشارح بأن تفسير التعليم بما ذكر خلاف الظاهر؛ إذ الظاهر من التعليم إيجاد العلم، لا الإلهام.
(٣) يعني: أن الفعل علَّم (وهو على وزن فَعَّل، ومصدره تفعيل) مشتقٌ من الثلاثي عَلِم. ومعنى التفعيل: إثباتُ أثر الثلاثي، فعلَّمتُه معناه: أتبتُّ فيه العلم، فقول الإمام: عَلَّمتُه فلم يتعلَّم، غير صحيح؛ لأن قوله: علمتُّه - يعني: أثبتُّ فيه العلم، فهذا الإثبات ينافيه قوله: لم يتعلَّم. انظر: معاني فَعَّل في شذا العرف ص ٤٣، ٤٤.
(٤) في (ص): "التعليم". وهو خطأ.
(٥) يعني: أن التعلم جاء بعد التعليم، وهذا ينافي كون العلم معلول للتعليم؛ إذ المعلول مقارن لعلته، والفاء تفيد معنى التعقيب بأن التعلم بعد التعليم، فيكون بين =

<<  <  ج: ص:  >  >>