= لا تتناول مَنْ كان في زماننا إلا بطريق المجاز، مثل قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} وقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} وقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} لأن هذه المشتقات لا تتناول على وجه الحقيقة إلا مَنْ كان متصفًا بها وقتَ نزولها، وأما مَنْ بعد ذلك فهي مجاز. لكنه قال ذلك تفريعًا على هذه المسألة ومستشكلًا إياه، إذ قال بعد ذلك: "وهو خلاف الإجماع، بل أجمع العلماء على أن هذه الألفاظ حقائق في هذه المعاني، فكيف تُتَصور هذه المسألة، وكيف نَجْمع بينها وبين هذه القاعدة الإجمالية؟ ". نفائس الأصول ٢/ ٦٦٥. ثم أجاب عن هذا الإشكال: بأن المشتقات قسمان: محكوم به، ومُتَعَلَّق الحكم، فالمحكوم به هو مثل قولنا: زيد صائم أو مسافر، فقد حكمنا عليه بهذه المشتقات. ومتعلَّق الحكم هو مثل: أكْرِم العلماء، ولم نحكم بأن أحدًا عالم، بل حكمنا بوجوب الإكرام لهم، وهو متعلَّق هذا الحكم، ومرادنا - في هذه المسألة - المشتقُّ إذا كان محكومًا به، أما إذا كان متعلَّق الحكم فهو حقيقة مطلقًا مِنْ غير تفصيل، والله سبحانه وتعالى لم يحكم في تلك الآيات بأن أحدًا أشرك، ولا زنى، ولا سرق، بل حكم بوجوب القتل، والقطع، والجلد فقط، وهذه الطوائف متعلَّق الأحكام، فاندفع الإشكال عن نصوص الكتاب والسنة بتخصيص الدعوى. أي: دعوانا في مسألة المشتق بأنه حقيقة في حال النطق إذا كان محكومًا به، وأما إذا كان المشتق متعلق الحكم فهو حقيقة مطلقًا بلا تفصيل، سواء في زمن النطق أو بعده. وهذا الذي قاله القرافي رحمه الله تعالى يَرِد عليه أنه لم يقل به أحدٌ غيره إذ قال هو معترفًا بذلك: "مع أن كل مَنْ رأيته يتحدث في هذه المسألة يذكرها عمومًا، وهو باطل إجماعًا وبالضرورة كما ترى". نفائس الأصول ٢/ ٦٦٦، ويَرِد عليه أيضًا ما قاله الشارح من أنَّ المراد بالحال هو حال الاتصاف بالمشتق منه، لا حال النطق. والله أعلم. فائدة: قد وجدت بعد ذلك أن الإسنوي رحمه الله تعالى نقل عن القرافي كلامه السابق مُقِرًا له في كتاب التمهيد ص ١٥٤، ولكن هذا لا يمنع حكمنا بأنه لم يقل به أحد سواه؛ لأن الإسنوي متأخر، والقرافي استنبط هذا التقسيم من عنده، فكان منفردًا به. وانظر ردَّ الشارح على القرافي في الأشباه والنظائر ٢/ ٨١.