للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: الحقيقة والمجاز إنما هما باعتبار الاستعمال، فإذا قلت: زيد ضارب فهنا أمران:

أحدهما: استعمال ضارب في معناه أو غير معناه، وهو محل الحقيقة والمجاز.

والثاني: حَمْلُ ضاربٍ على زيد (١)، وهذا لا يوصف بحقيقة ولا مجاز، ولا دلالة له على حالٍ ولا مُضِيٍ ولا استقبال، بل هو مطلق بالنسبة إليها، والقضية إن أطلقت احتملت الثلاثة (٢) إلا أنا نحمله عند الإطلاق على زمان النطق لغةً وعرفًا؛ ولأنه ليس غيره أولى منه (٣).

وأما المحمول الذي هو ضارب فإنْ أريد به معناه ممن هو متصف بالضَّرْب في الحال (٤) كان حقيقة إما صدقًا إنْ طابق، أو كذبًا إن لم يطابق. وإنْ أريد به غير معناه كان مجازًا (٥). والأمر في السلب في جميع ذلك على ما قررناه لا يختلف.

الثالثة: إذا قلت: زيدٌ ضاربٌ أمس أو غدًا - فقد يُطْلِق المُطْلِق أنه مجاز؛ لأن اسم الفاعل حقيقة في الحال، والتصريح بأمس أو غدًا إنما هو قرينة لإرادة المجاز، كقولك: رأيتَ أسدًا يرمي


(١) أي: جعل ضارب محمول، وزيد موضوع.
(٢) أي: قضية: زيد ضارب، إن أُطلقت فلم تُقَيَّد بزمن - احتملت الأزمنة الثلاثة.
(٣) سقطت من (غ).
(٤) أي: حال الإطلاق والنطق.
(٥) أي: إن أُريد به غير معنى الضرب كان الإطلاق مجازًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>