للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأخرجوه وذهبوا به إلى ربع ابن الزمن الذي بقرب المروة وطلعوه وقرروه (١) فلم يعترف بشيء فنزلوه، وذهبوا به إلى جهة اليمن وهو في زنجير ومعه واحد مشبوك وهو مكشوف الرأس عريان بخرقه سوداء ساترة عورته وهم يمسكونه والترك ركبانا ومشاة والخلق كثير، وأمامه الطبل والزمر والجعيدية (٢) إلى أن وصلوا به فوق مسجد بني شيبة بوسط (٣)، بل وكان المغاني معهم إلى المدعا فضرب بالسيف وهو واقف فطاح على وجهه فهبروه وقطعوا رأسه من وسط وجهه وذهبوا به وعلقوه بدرب المعلاة وحرق جثته ثم بقي منه شيء أكله الكلاب في النهار، ثم أعطي القاضي الشافعي بعض المال المقرر عليه للترك وهو مائة وخمسون، وبقي عليه قالوا ثلاثين فأخذ كل منها أشرفيا ونصف عن الخروف.

وفي هذا اليوم بين الصلاتين جاءت ورقة من أبي حميدة الإبراهيمي وهو بجدة إلى الباش يخبره بأنه وصل إلينا/حميضة وعياف وغيرهما وأخبروا أنه وقع بين بعض الأتراك مهاوشة فقتل هنا اثنان، وبنو إبراهيم متوجهين لبلدهم وهو وجماعته متوجهين مع مالك إلى بلده ورهنوا عندي درعا في مبلغ ليتجهزوا به وأنا إن قبلتوني فأنا في الخدمة وإن شئتم أنزويت في بعض الأماكن حتى يقدر الله ما يكون، وأن زعيمة النموي


(١) قرره، وأقر أي: اعترف بذنبه، وغالبا ما يكون تحت التعذيب الجسدي.
(٢) الجعيدية: هم مجموعة من الناس منتشرة في الأرض، لا يعرف لهم موطن ولا قرار، ويطلق عليهم أهل كل بلد إسما، فأهل الشام يسمونهم (بالنور) وأهل العراق (الكاملية) وأهل مصر (بالغجر) وأهل الجزيرة العربية (بالجعيدية).
ويبدو أن هذه الكلمات معناها "فاقدوا المروءة" وهم يكونون العيارين "أي العاطلين" والشطار أي "النصاب" والدعار أي "الفجار" والهمج. انظر: مشهور بن حسن آل سلمان (أبي عبيدة): المرؤة وخوارمها، ص ٢٤٧ - ٢٧٤.
(٣) هكذا في الأصول، وهناك سقط واضح في الكلام. لم تذكر المصادر التاريخية المكية مسجد بهذا الاسم، ويبدو أن هذا المسجد يقع في رباع بني شيبة.