جدة الأمير حسين من رأس الحجون واكتنفا لجام الفرس ولما وصلوا إلى المسجد الراية نزل بعض الأمراء أيضا، ولما وصلوا المدعا نزلوا كلهم وترجلوا، إلا السيد بركات فإنه لم ينزل إلا عند [التماريين](١) فإن القاضي كاتب السر كان كلما أراد أن ينزل يوم شواء وجذابة، وثاني يوم قاضي القضاة الشافعي، وكان الأمير حسين نائب جدة أخذ من التجار ثيابا من المخمل التمساحي وغيره لتفرشة في الطريق لابن السلطان والخوند، ويقال: أنه فرش بعضها لهما لما دخلا من باب بيتهما فقط والله أعلم، وأرسل السلطان بمنبر الخطيب ومنبر يصعد منه للكعبة ونصبا ووضعا في مكانهما قبل هلال ذي الحجة وعملا في يومين أمام الرواق الشرقي.
[أهل ذي الحجة ليلة الأربعاء سنة ٩٢٠ هـ]
في يوم الخميس ثاني الشهر توجه الشريف زين الدين بركات وولده أبو نمي والقضاة الأربعة، ونائب جدة حسين، وناظرها القاضي زين الدين المحتسب، وشاه بندر قاسم الشرواني، والخواجا علي القاري إلى سيدي محمد بن السلطان بمنزله بالقصر فألبس كل واحد منهما خلعة وانصرفوا إلى بيوتهم، ثم توجهوا لأمير المحمل طقطباي بالمدرسة الأشرفية قايتباي، فقرأ مراسيم السلطان وألبس المذكورين كلهم خلعة خلعة.
وفي ليلة الجمعة ثالث الشهر فتح البيت الشريف ودخله سيدي محمد بن السلطان، وخوند الأشرفية، وأمير الحاج طقطباي على باب الكعبة بالعصا يرد الناس، وفي صباحيته أخرجت خمسمائة دينار أو أكثر وفرق ذلك على أرباب الشعائر، والربط وبعض ناس، فمن ذلك لشيخ الكعبة خمسون ولقرابته خمسون، ولخدام الدرجة أربعون وللفراشين ستين، وللخطيب ثلاثون ولبقية الخطباء عشرون، ولكل إمام ثلاثة
(١) وردت الكلمة في الأصل "التماويين" والتعديل من (ب) وهو الصواب.