الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين. سيدنا محمد بن عبد الله ﷺ. أما بعد:
حظيت مكة المكرمة شرفها الله وحرسها من كل سوء ومكروه في الآونة الأخيرة باهتمام بالغ، منقطع النظر في جميع الجوانب الحضارية، ولعل عمارة الحرم الشريف خير شاهد على ذلك، فتعد أعظم وأكبر وأجمل عمارة شهدها التاريخ الحديث ولم نسمع بأعظم ولا أكبر ولا أجمل من تلك التوسعة العملاقة وكذا ما حظيت به الكعبة المشرفة من ترميم وصيانة في هذا العهد السعودي الزاهر، أما إذا ما انتقلنا إلى الازدهار العلمي، فقد نالت مكة نصيبها من الدراسات والبحوث العلمية الجادة منذ القدم، وتنامى هذا الاهتمام وبلغ أوجه في عهد أسرة (بني فهد)﵏ جميعا، فقد سخروا إمكاناتهم وأقلامهم ومكتباتهم وجل أوقاتهم خدمة لمكة المكرمة ولدراسة وبيان تاريخها الحضاري على مرّ العصور بدأ هذه المسيرة، المؤرخ القدير، النجم عمر بن فهد (ت ٨٨٥ هـ) بكتابة تاريخ جليل القدر عظيم المنفعة عن مكة المكرمة، بداء من حياة الرسول ﷺ حتى تاريخ السنة التي توفى فيها. وقد سمى كتابه باسم (اتحاف الورى بأخبار أم القرى). تولت جامعة أم القرى طباعة ونشر وتحقيق هذا الكتاب. ثم جاء الابن، عبد العزيز بن فهد، وأكمل مسيرة والده بكتابه هذا السفر الذي بين أيدينا، وقد جعله ذيلا على كتاب والده باسم (بلوغ القرى في ذيل اتحاف الورى).
قد بدأ المؤلف كتابه هذا من السنة التي توفى فيها والده أي من سنة (٨٨٥ هـ). واستمر في تأليفه حتى السنة التي مات فيها المؤلف أي إلى سنة (٩٢٢ هـ).