ويعد هذا الكتاب من أفضل الكتب التي تناولت التاريخ الحضاري لمكة المكرمة، حيث يعد موسوعة علمية في جوانب شتى من المناشط الحضارية المتعددة، تناول فيه المؤلف الجوانب السياسية والعلمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية وخلاف ذلك. وميزة هذا الكتاب أنه عبارة من مدونات يومية لأحداث مكة وما جاورها، يذكر في كل شهر من الشهور الوفيات والأحداث التي تمت في ذلك الشهر فهو بحق (شاهد عصر على كل صغيرة وكبيرة). فقدّم لنا المؤلف ﵀ رحمة واسعة معلومات غزيرة في غاية الأهمية، عن بعض القضايا الدقيقة وخاصة في مجال الاقتصاد، والأسرة. فكان كثيرا ما يهتم بإيراد أدق التفاصيل عن أسعار المواد الغذائية في مكة المكرمة وعن أسباب ارتفاعها أو انخفاضها، وكذا كان يهتم بقضايا الأسرة والمجتمع وخاصة المظاهر الاجتماعية مثل عادات الزواج والطلاق، والختان، والاحتفالات العامة والتي غالبا يشارك الناس أحداثها وفعالياتها، وكذا اهتم الكتاب بالحرم الشريف وما يدرس فيها من علوم ومعارف شتى من خلال المذاهب الأربعة التي كانت سائدة آنذاك في الحرم الشريف.
ونظرا لأهمية هذا السفر الجليل فقد سخرت جامعة أم القرى إمكاناتها لتحقيقه تحقيقا علميا مميزا، فتصدى لتحقيقه ثلاثة من الباحثين هم: صلاح الدين بن خليل الصواف، وعبد الرحمن حسين أبو الخيور، وعليان عبد العالي المحلبدي، وتم تحقيق الكتاب وقدم في شكل ثلاث رسائل علمية ليخرج إلى المجتمع وهو في غاية الدقة والوضوح، وأشهد أن الباحثين قد بذلوا جهودا علمية مميزة في سبيل الوصول بالنص المحقق، وما صاحبه من إضافة علمية جيدة إلى أرقى المستويات العلمية المتعارف عليها، فتقول لهم جميعا بارك الله فيكم وأثابكم على إنجازكم العلمي هذا خير الجزاء، وجعله في موازين أعمالكم خدمة لأطهر وأشهر بقعة على وجه الأرض، وأسأل الله أن ينفع بهذا الكتاب