للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستمرت البلاد تعيش فترة استقرار وهدوء ولم يعكر ذلك الاستقرار سوى بعض المناوشات التي كانت بين الشريف أو ابنه مع بعض القبائل مثل آل جميل (١) وآل إبراهيم (٢) وغيرهم التي كانت غالبا ما تنتهي لصالح الشريف، فدانت له البلاد والرقاب حتى وافاه الأجل في يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من شهر محرم الحرام من سنة ٩٠٣ هـ. وخلفه في إمرة مكة ابنه الشريف بركات بن محمد بن بركات بن حسن ابن عجلان (٩٠٣ - ٩٣١ هـ) الذي تولى الإمارة مشاركا لأبيه في سنة ٨٧٨ هـ (٣) ثم استقل بها بعد وفاته، حيث كان الشريف بركات الساعد الأيمن لوالده الذي كثيرا ما اعتمد عليه، فكان يرسله على رأس العسكر لغزو بعض الأعراب والقبائل أو الإغارة عليهم لإدخالهم تحت الطاعة، مما أكسبه خبرة عسكرية وحنكة سياسية.

وقرئ مرسومه بتولية إمرة مكة المشرفة وأعمالها والحجاز عن والده في شهر ربيع الأول من سنة ٩٠٣ هـ (٤) وقد التزم بدفع مبلغ من المال مقابل ذلك.

لقد اختلف كثيرا عهد الشريف بركات بن محمد عن عهد والده، فقد كثرت فيه الفتن والحروب بسبب طمع أخوته في الإمرة، كما كان للسلطنة المملوكية دور كبير في ذلك حيث لم تكن صادقة في تأييدها للشريف حين غلب عليها طابع الطمع فيما كانت تحصل عليه مقابل ذلك من أموال. فلم ينعم الشريف بركات ولا أهل مكة بالاستقرار الذي كان سائدا في عهد والده حيث خرج عليه أخوته. وأولهم في الخروج


(١) أحد فرعي هذيل وفيه فروع عديدة منها دعد، والفرح. البلادي: معجم قبائل الحجاز، ص ٩٢
(٢) بطن من بلحارث من فهم بن عمرو بن قيس بن عيلان. البلادي: معجم قبائل الحجاز، ص ١١
(٣) النجم ابن فهد: الدر الكمين، ورقة ٢١، السخاوي: الضوء اللامع ٣/ ١٤، العز ابن فهد: غاية المرام ٣/ ٦٢.
(٤) ابن ظهيرة: الجامع اللطيف، ص ١٩٩.