٢٩٤ - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَانَ إذَا قَعَدَ لِلتَّشَهُّدِ وَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَالْيُمْنَى عَلَى الْيُمْنَى، وَعَقَدَ ثَلَاثًا وَخَمْسِينَ، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا، وَأَشَارَ بِاَلَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ.
ابْنُ الْقَيِّمِ وَأَطَالَ فِيهَا وَقَالَ: إنَّ فِي حَدِيثِ " أَبِي هُرَيْرَةَ " قَلْبًا مِنْ الرَّاوِي، حَيْثُ قَالَ: " وَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ " وَإِنَّ أَصْلَهُ: " وَلْيَضَعْ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ "، قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَوَّلُ الْحَدِيثِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: " فَلَا يَبْرُكُ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ " فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ بُرُوكِ الْبَعِيرِ هُوَ تَقْدِيمُ الْيَدَيْنِ عَلَى الرِّجْلَيْنِ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَمْرُ بِمُخَالَفَةِ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ فِي هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ، فَنَهَى عَنْ الْتِفَاتٍ كَالْتِفَاتِ الثَّعْلَبِ، وَعَنْ افْتِرَاشٍ كَافْتِرَاشِ السَّبُعُ، وَإِقْعَاءٍ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ، وَنَقْرٍ كَنَقْرٍ الْغُرَابِ، وَرَفْعِ الْأَيْدِي كَأَذْنَابِ خَيْلِ شَمْسٍ، أَيْ حَالَ السَّلَامِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَيَجْمَعُهَا قَوْلُنَا:
إذَا نَحْنُ قُمْنَا فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّنَا … نُهِينَا عَنْ الْإِتْيَانِ فِيهَا بِسِتَّةٍ
بُرُوكِ بَعِيرٍ وَالْتِفَاتٍ كَثَعْلَبٍ … وَنَقْرِ غُرَابٍ فِي سُجُودِ الْفَرِيضَةِ
وَإِقْعَاءِ كَلْبٍ أَوْ كَبَسْطِ ذِرَاعِهِ … وَأَذْنَابِ خَيْلٍ عِنْدَ فِعْلِ التَّحِيَّةِ
وَزِدْنَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ قَوْلَنَا:
وَزِدْنَا كَتَدْبِيحِ الْحِمَارِ بِمَدِّهِ … لِعُنُقٍ وَتَصْوِيبٍ لِرَأْسٍ بِرَكْعَةٍ
هَذَا السَّابِعُ، وَهُوَ: بِالدَّالِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ، وَمُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ وَحَاءٌ مُهْمَلَةٌ، وَرُوِيَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَقِيلَ وَهُوَ تَصْحِيفٌ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: هُوَ أَنْ يُطَأْطِئَ الْمُصَلِّي رَأْسَهُ حَتَّى يَكُونَ أَخْفَضَ مِنْ ظَهْرِهِ، انْتَهَى. إلَّا أَنَّهُ قَالَ النَّوَوِيُّ: حَدِيثُ التَّدْبِيحِ ضَعِيفٌ، وَقِيلَ: كَانَ وَضْعُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ، ثُمَّ أُمِرُوا بِوَضْعِ الرُّكْبَتَيْنِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ، وَحَدِيثُ ابْنِ خُزَيْمَةَ الَّذِي أَخْرَجَهُ عَنْ " سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ " وَقَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا، يُشْعِرُ بِذَلِكَ.
وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: إنَّ لِحَدِيثِ " أَبِي هُرَيْرَةَ " شَاهِدًا يَقْوَى بِهِ مُعَارِضٌ: بِأَنَّ لِحَدِيثِ " وَائِلٍ " أَيْضًا شَاهِدًا قَدْ قَدَّمْنَاهُ. وَقَالَ الْحَاكِمُ إنَّهُ عَلَى شَرْطِهِمَا وَغَايَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ كَلَامُ الْحَاكِمِ فَهُوَ مِثْلُ شَاهِدِ " أَبِي هُرَيْرَةَ " الَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ شَرِيكٌ، فَقَدْ اتَّفَقَ حَدِيثُ " وَائِلٍ "، وَحَدِيثُ " أَبِي هُرَيْرَةَ " فِي الْقُوَّةِ، وَعَلَى تَحْقِيقِ ابْنِ الْقَيِّمِ، فَحَدِيثُ " أَبِي هُرَيْرَةَ " عَائِدٌ إلَى حَدِيثِ " وَائِلٍ "، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِيهِ قَلْبٌ، وَلَا يُنْكَرُ ذَلِكَ، فَقَدْ وَقَعَ الْقَلْبُ فِي أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute