٣١٥ - وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا: صَلَّيْت كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: إنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ، وَلَكِنْ إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيت فَذَكِّرُونِي، وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ، فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ - وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " فَلْيُتِمَّ ثُمَّ يُسَلِّمْ ثُمَّ يَسْجُدْ " - وَلِمُسْلِمٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ وَالْكَلَامِ»
وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْأَرْبَعِ وَإِنْ كَانَ صَلَّى تَمَامًا كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ أَيْ إلْصَاقًا لِأَنْفِهِ بِالرَّغَامِ.: وَالرَّغَامُ: بِزِنَةِ غُرَابٍ: التُّرَابُ، وَإِلْصَاقُ الْأَنْفِ بِهِ فِي قَوْلِهِمْ رَغِمَ أَنْفُهُ كِنَايَةٌ عَنْ إذْلَالِهِ وَإِهَانَتِهِ، وَالْمُرَادُ إهَانَةُ الشَّيْطَانِ، حَيْثُ لَبَّسَ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ. [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].:
الْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشَّاكَّ فِي صَلَاتِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ عِنْدَهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ سَجْدَتَيْنِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ، وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ؛ وَذَهَبَ الْهَادَوِيَّةُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ إلَى وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُعِيدُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِذَا شَكَّ فِي الرَّابِعَةِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ؛ وَالْحَدِيثُ مَعَ الْأَوَّلِينَ، وَالْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ حُكْمَ الشَّاكِّ مُطْلَقًا مُبْتَدَأً كَانَ أَوْ مُبْتَلًى.
وَفَرَّقَ الْهَادَوِيَّةُ بَيْنَهُمَا فَقَالُوا فِي الْأَوَّلِ: يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ، وَفِي الثَّانِي يَتَحَرَّى بِالنَّظَرِ فِي الْأَمَارَاتِ، فَإِنْ حَصَلَ لَهُ ظَنُّ التَّمَامِ أَوْ النَّقْصِ عَمِلَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ النَّظَرُ فِي الْأَمَارَاتِ لَا يَحْصُلُ لَهُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ كَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَإِنْ كَانَ عَادَتُهُ أَنْ يُفِيدَهُ النَّظَرُ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يُفِدْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا الْإِعَادَةُ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ يَرُدُّ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَيْضًا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عِنْدَ أَحْمَدَ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ وَاحِدَةً صَلَّى أَوْ اثْنَتَيْنِ فَلْيَجْعَلْهَا وَاحِدَةً، وَإِذَا لَمْ يَدْرِ ثِنْتَيْنِ صَلَّى أَوْ ثَلَاثًا فَلْيَجْعَلْهَا ثِنْتَيْنِ، وَإِذَا لَمْ يَدْرِ ثَلَاثًا صَلَّى أَوْ أَرْبَعًا فَلْيَجْعَلْهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ يَسْجُدْ إذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ سَجْدَتَيْنِ».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute