. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -] أَيْ إحْدَى الرُّبَاعِيَّاتِ خَمْسًا، وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: " زَادَ أَوْ نَقَصَ «فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا: صَلَّيْت كَذَا وَكَذَا، فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: إنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ، وَلَكِنْ إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ» فِي الْبَشَرِيَّةِ، وَبَيَّنَ وَجْهَ الْمِثْلِيَّةِ بِقَوْلِهِ: «أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ؛ فَإِذَا نَسِيت فَذَكِّرُونِي، وَإِذَا شَكَّ أَحَدٌ فِي صَلَاتِهِ هَلْ زَادَ أَوْ نَقَصَ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ» بِأَنْ يَعْمَلَ بِظَنِّهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِقَةٍ بَيْنَ الشَّكِّ فِي رَكْعَةٍ أَوْ رُكْنٍ، وَقَدْ فَسَّرَهُ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ [فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].
ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ تَابَعُوهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الزِّيَادَةِ، فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مُتَابَعَةَ الْمُؤْتَمِّ لِلْإِمَامِ فِيمَا ظَنَّهُ وَاجِبًا لَا يُفْسِدُ صَلَاتَهُ، فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ، وَهَذَا فِي حَقِّ أَصْحَابِهِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ، لِتَجْوِيزِهِمْ التَّغْيِيرَ فِي عَصْرِ النُّبُوَّةِ، فَأَمَّا لَوْ اتَّفَقَ الْآنَ قِيَامُ الْإِمَامِ إلَى الْخَامِسَةِ سَبَّحَ لَهُ مَنْ خَلْفَهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ انْتَظَرُوهُ قُعُودًا حَتَّى يَتَشَهَّدُوا بِتَشَهُّدِهِ، وَيُسَلِّمُوا بِتَسْلِيمِهِ، فَإِنَّهَا لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ حَتَّى يُقَالَ يُعْزَلُونَ، بَلْ فَعَلَ مَا هُوَ وَاجِبٌ فِي حَقِّهِ.
وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ سُجُودِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا عَرَفَ سَهْوَهُ فِي الصَّلَاةِ إلَّا بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ مِنْهَا، فَلَا يَكُونُ دَلِيلًا، وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَتْ الْأَحَادِيثُ فِي مَحَلِّ سُجُودِ السَّهْوِ، وَاخْتَلَفَتْ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَقْوَالُ الْأَئِمَّةِ، قَالَ بَعْضُ أَئِمَّةِ الْأَحَادِيثِ: أَحَادِيثُ بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ فَقَدْ تَعَدَّدَتْ: مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيمَنْ شَكَّ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى؟. وَفِيهِ الْأَمْرُ أَنْ يَسْجُدَ سَجْدَتَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَوْضِعَهُمَا، وَهُوَ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ، وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ مَحَلَّ السَّجْدَتَيْنِ هَلْ هُوَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ؟ نَعَمْ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ فِيهِ زِيَادَةٌ: " قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ "
؛ وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ: مَنْ شَكَّ؛ وَفِيهِ " أَنَّهُ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ " وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِيهِ: " الْقِيَامُ إلَى الْخَشَبَةِ وَأَنَّهُ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ " وَمِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ بُحَيْنَةَ، وَفِيهِ السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ، وَلَمَّا وَرَدَتْ هَكَذَا اخْتَلَفَتْ آرَاءُ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَخْذِ بِهَا، فَقَالَ دَاوُد: تُسْتَعْمَلُ فِي مَوَاضِعِهَا عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ، وَلَا يُقَاسَ عَلَيْهَا، وَمِثْلُهُ قَالَ أَحْمَدُ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ خَاصَّةً، وَخَالَفَ فِيمَا سِوَاهَا، فَقَالَ: يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِكُلِّ سَهْوٍ.
وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ مُخَيَّرٌ فِي كُلِّ سَهْوٍ إنْ شَاءَ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِنْ شَاءَ قَبْلَ السَّلَامِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ السُّجُودُ لِلزِّيَادَةِ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِنْ كَانَ لِنُقْصَانٍ سَجَدَ لَهُ.
وَقَالَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّة: الْأَصْلُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَتَأَوَّلُوا الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي السُّجُودِ قَبْلَهُ، وَسَتَأْتِي أَدِلَّتُهُمْ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْأَصْلُ السُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَرُدَّ مَا خَالَفَهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ بِادِّعَائِهِ نَسْخَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute