٣١٦ - وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ مَرْفُوعًا «مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ» وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ
٣١٧ - وَعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ، فَقَامَ
السُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ.
وَرُوِيَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: «سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ وَبَعْدَهُ، وَآخِرُ الْأَمْرَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ»؛ وَأَيَّدَهُ بِرِوَايَةِ مُعَاوِيَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ» وَصُحْبَتُهُ مُتَأَخِّرَةٌ؛ وَذَهَبَ إلَى مِثْلِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَبُو هُرَيْرَةَ وَمَكْحُولٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَطَرِيقُ الْإِنْصَافِ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي ذَلِكَ قَوْلًا وَفِعْلًا فِيهَا نَوْعُ تَعَارُضٍ، وَتَقَدُّمُ وَتَأَخُّرُ الْبَعْضِ غَيْرُ ثَابِتٍ بِرِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ مَوْصُولَةٍ، حَتَّى يَسْتَقِيمَ الْقَوْلُ بِالنَّسْخِ، فَالْأَوْلَى الْحَمْلُ عَلَى التَّوَسُّعِ فِي جَوَازِ الْأَمْرَيْنِ.
وَمِنْ أَدِلَّةِ الْهَادَوِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّة رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ الَّتِي أَفَادَهَا قَوْلُهُ: [وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ] أَيْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ [فَلْيُتِمَّ ثُمَّ يُسَلِّمْ ثُمَّ يَسْجُدْ] مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ السَّلَامِ؛ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ الَّتِي أَفَادَهَا قَوْلُهُ: [وَلِمُسْلِمٍ] أَيْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ» مِنْ الصَّلَاةِ [وَالْكَلَامِ] أَيْ الَّذِي خُوطِبَ بِهِ وَأَجَابَ عَنْهُ بِمَا أَفَادَهُ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا.
[وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ مَا يُسَلِّمُ». وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ].:
فَهَذِهِ أَدِلَّةُ مَنْ يَقُولُ إنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ مُطْلَقًا، وَلَكِنَّهُ قَدْ عَارَضَهَا مَا عَرَفْت، فَالْقَوْلُ بِالتَّخْيِيرِ أَقْرَبُ الطُّرُقِ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ كَمَا عَرَفْت.
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: رَوَيْنَا «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سَجَدَ لِلسَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِذَلِكَ»؛ وَرَوَيْنَا «أَنَّهُ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِهِ»، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ، وَلَهُمَا شَوَاهِدُ يَطُولُ بِذِكْرِهَا الْكَلَامُ، ثُمَّ قَالَ: الْأَشْبَهُ بِالصَّوَابِ جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا، قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبُ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute