للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ» انْتَهَى إذَا عَرَفَتْ هَذَا فَجَمْعُ التَّقْدِيمِ فِي ثُبُوتِ رِوَايَتِهِ مَقَالٌ إلَّا رِوَايَةَ الْمُسْتَخْرَجِ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ

فَإِنَّهُ لَا مَقَالَ فِيهَا وَقَدْ ذَهَبَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّهُ يَجُوزُ جَمْعُ التَّأْخِيرِ لِثُبُوتِ الرِّوَايَةِ بِهِ لَا جَمْعُ التَّقْدِيمِ وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ وَرِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ ثُمَّ إنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْأَفْضَلِ لِلْمُسَافِرِ هَلْ الْجَمْعُ أَوْ التَّوْقِيتُ فَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ تَرْكُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ وَقَالَ مَالِكٌ إنَّهُ مَكْرُوهٌ وَقِيلَ يَخْتَصُّ بِمَنْ لَهُ عُذْرٌ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ النَّبَوِيِّ لَمْ يَكُنْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجْمَعُ رَاتِبًا فِي سَفَرِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، وَلَا يَجْمَعُ حَالَ نُزُولِهِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا كَانَ يَجْمَعُ إذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ، وَإِذَا سَارَ عَقِيبَ الصَّلَاةِ كَمَا فِي أَحَادِيثِ تَبُوكَ، وَأَمَّا جَمْعُهُ وَهُوَ نَازِلٌ غَيْرُ مُسَافِرٍ فَلَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ عَنْهُ إلَّا بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ لِأَجْلِ اتِّصَالِ الْوُقُوفِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَشَيْخُنَا وَجَعَلَهُ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ تَمَامِ النُّسُكِ، وَأَنَّهُ سَبَبٌ وَقَالَ أَحْمَدُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: إنَّ سَبَبَ الْجَمْعِ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ السَّفَرُ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْجَمْعِ فِي السَّفَرِ، وَأَمَّا الْجَمْعُ فِي الْحَضَرِ فَقَالَ الشَّارِحُ بَعْدَ ذِكْرِ أَدِلَّةِ الْقَائِلِينَ بِجَوَازِهِ فِيهِ: إنَّهُ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ فِي الْحَضَرِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمُبَيِّنَةِ لِأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَلِمَا تَوَاتَرَ مِنْ مُحَافَظَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَوْقَاتِهَا حَتَّى قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ «مَا رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى صَلَاةً لِغَيْرِ مِيقَاتِهَا إلَّا صَلَاتَيْنِ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ وَصَلَّى الْفَجْرَ يَوْمَئِذٍ قَبْلَ مِيقَاتِهَا»، وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَا مَطَرٍ» قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا أَرَادَ إلَى ذَلِكَ قَالَ أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ فَلَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَيِّنٍ لِجَمْعِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَتَعْيِينُ وَاحِدٍ مِنْهَا تَحَكُّمٌ فَوَجَبَ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى مَا هُوَ وَاجِبٌ مِنْ الْبَقَاءِ عَلَى الْعُمُومِ فِي حَدِيثِ الْأَوْقَاتِ لِلْمَعْذُورِ وَغَيْرِهِ، وَتَخْصِيصُ الْمُسَافِرِ لِثُبُوتِ الْمُخَصَّصِ، وَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ الْحَاسِمُ.

وَأَمَّا مَا يُرْوَى مِنْ الْآثَارِ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَغَيْرُ حُجَّةٍ إذْ لِلِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ مَسْرَحٌ وَقَدْ أَوَّلَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ بِالْجَمْعِ الصُّورِيِّ وَاسْتَحْسَنَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَرَجَّحَهُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَالطَّحَاوِيُّ وَقَوَّاهُ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ لِمَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ - رَاوِي الْحَدِيثِ - عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ " قُلْت يَا أَبَا الشَّعْثَاءِ أَظُنُّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ وَعَجَّلَ الْعَصْرَ، وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ وَعَجَّلَ الْعِشَاءَ قَالَ، وَأَنَا أَظُنُّهُ " قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ: وَرَاوِي الْحَدِيثِ أَدْرَى بِالْمُرَادِ مِنْهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجْزِمْ أَبُو الشَّعْثَاءِ بِذَلِكَ.

، وَأَقُولُ إنَّمَا هُوَ ظَنٌّ مِنْ الرَّاوِي وَاَلَّذِي يُقَالُ فِيهِ: أَدْرَى بِمَا رَوَى إنَّمَا يَجْرِي تَفْسِيرُهُ لِلَّفْظِ مَثَلًا.

عَلَى أَنَّ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى نَظَرًا فَإِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>