٤٠٧ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَقْصُرُوا الصَّلَاةَ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ، مِنْ مَكَّةَ إلَى عُسْفَانَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ. كَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ
قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ» يَرُدُّ عُمُومَهَا نَعَمْ يَتَعَيَّنُ هَذَا التَّأْوِيلُ فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِهِ النَّسَائِيّ فِي أَصْلِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَفْظُهُ «صَلَّيْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ ثَمَانِيًا جَمْعًا وَسَبْعًا جَمْعًا أَخَّرَ الظُّهْرَ وَعَجَّلَ الْعَصْرَ، وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ وَعَجَّلَ الْعِشَاءَ»، وَالْعَجَبُ مِنْ النَّوَوِيِّ كَيْفَ ضَعَّفَ هَذَا التَّأْوِيلَ وَغَفَلَ عَنْ مَتْنِ الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ، وَالْمُطْلَقُ فِي رِوَايَةٍ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ إذَا كَانَا فِي قِصَّةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا فِي هَذَا، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ قَوْلَهُ " أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ " يُضَعِّفُ هَذَا الْجَمْعِ الصُّورِيَّ لِوُجُودِ الْحَرَجِ فِيهِ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ ذَلِكَ أَيْسَرُ مِنْ التَّوْقِيتِ إذْ يَكْفِي لِلصَّلَاتَيْنِ تَأَهُّبٌ وَاحِدٌ وَقَصْدٌ وَاحِدٌ إلَى الْمَسْجِدِ وَوُضُوءٌ وَاحِدٌ بِحَسَبِ الْأَغْلَبِ بِخِلَافِ الْوَقْتَيْنِ فَالْحَرَجُ فِي هَذَا الْجَمْعِ لَا شَكَّ أَخَفُّ.
وَأَمَّا قِيَاسُ الْحَاضِرِ عَلَى الْمُسَافِرِ كَمَا قِيلَ فَوَهْمٌ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْأَصْلِ هِيَ السَّفَرُ وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْفَرْعِ، وَإِلَّا لَزِمَ مِثْلُهُ فِي الْقَصْرِ، وَالْفِطْرِ انْتَهَى.
قُلْت وَهُوَ كَلَامٌ رَصِينٌ وَقَدْ كُنَّا ذَكَرْنَا مَا يُلَاقِيهِ فِي رِسَالَتِنَا الْيَوَاقِيتِ فِي الْمَوَاقِيتِ قَبْلَ الْوُقُوفِ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَجَزَاهُ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ جَمْعَ التَّقْدِيمِ فِيهِ خَطَرٌ عَظِيمٌ وَهُوَ كَمَنْ صَلَّى الصَّلَاةَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا فَيَكُونُ حَالُ الْفَاعِلِ كَمَا قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} الْآيَةَ مِنْ ابْتِدَائِهَا، وَهَذِهِ الصَّلَاةُ الْمُقَدَّمَةُ لَا دَلَالَةَ عَلَيْهَا بِمَنْطُوقٍ، وَلَا مَفْهُومٍ، وَلَا عُمُومٍ، وَلَا خُصُوصٍ.
(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَقْصُرُوا الصَّلَاةَ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مِنْ مَكَّةَ إلَى عُسْفَانَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ) فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ مُجَاهِدٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ نَسَبَهُ الثَّوْرِيُّ إلَى الْكَذِبِ، وَقَالَ الْأَزْدِيُّ لَا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ كَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ) أَيْ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَلَكِنْ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ مَسْرَحٌ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ رَأْيِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي التَّحْدِيدِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute