للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِرَأْسِهِ وَاحِدَةً». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. بَلْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: إنَّهُ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الْبَابِ.

[وَعَنْ " عَلِيٍّ " - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؛ " أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ " ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الذُّكُورِ فِي أَكْثَرِ الْأَقْوَالِ عَلَى خِلَافٍ فِي سِنِّهِ، كَمْ كَانَ وَقْتُ إسْلَامِهِ؟ وَلَيْسَ فِي الْأَقْوَالِ أَنَّهُ بَلَغَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ، بَلْ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ سِتَّ عَشْرَةَ إلَى سَبْعِ سِنِينَ، شَهِدَ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا إلَّا " تَبُوكَ "، فَأَقَامَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَدِينَةِ خَلِيفَةً عَنْهُ، وَقَالَ لَهُ: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى» اُسْتُخْلِفَ يَوْمَ قُتِلَ " عُثْمَانُ " يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِثَمَانِ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، وَاسْتُشْهِدَ صُبْحَ الْجُمُعَةِ بِالْكُوفَةِ، لِسَبْعِ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ، وَمَاتَ بَعْدَ ثَلَاثٍ مِنْ ضَرْبَةِ الشَّقِيِّ " ابْنُ مُلْجِمٍ " لَهُ؛ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ؛ وَخِلَافَتُهُ أَرْبَعُ سِنِينَ وَسَبْعَةُ أَشْهُرٍ وَأَيَّامٌ، وَقَدْ أُلِّفَتْ فِي صِفَاتِهِ وَبَيَانِ أَحْوَالِهِ كُتُبٌ جَمَّةٌ، وَاسْتَوْفَيْنَا شَطْرًا صَالِحًا مِنْ ذَلِكَ فِي: " الرَّوْضَةِ النَّدِيَّةِ شَرْحِ التُّحْفَةِ الْعُلْوِيَّةِ ". فِي صِفَةِ وُضُوءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَاحِدَةً» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد هُوَ قِطْعَةٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ اسْتَوْفَى فِيهِ صِفَةَ الْوُضُوءِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ، وَهُوَ يُفِيدُ مَا أَفَادَهُ حَدِيثُ " عُثْمَانَ "، وَإِنَّمَا أَتَى الْمُصَنِّفُ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِمَا لَمْ يُصَرَّحْ بِهِ فِي حَدِيثِ " عُثْمَانَ "، وَهُوَ مَسْحُ الرَّأْسِ مَرَّةً، فَإِنَّهُ نَصَّ أَنَّهُ وَاحِدَةً مَعَ تَصْرِيحِهِ بِتَثْلِيثِ مَا عَدَاهُ مِنْ الْأَعْضَاءِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ قَوْمٌ بِتَثْلِيثِ مَسْحِهِ كَمَا يُثَلَّثُ غَيْرُهُ مِنْ الْأَعْضَاءِ إذْ هُوَ مِنْ جُمْلَتِهَا، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ تَثْلِيثُهُ، وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فِي كُلِّ حَدِيثٍ ذُكِرَ فِيهِ تَثْلِيثُ الْأَعْضَاءِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ " عُثْمَانَ " فِي تَثْلِيثِ الْمَسْحِ، أَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ، صَحَّحَ أَحَدَهُمَا ابْنُ خُزَيْمَةَ وَذَلِكَ كَافٍ فِي ثُبُوتِ هَذِهِ السُّنَّةِ. وَقِيلَ: لَا يُشَرَّعُ تَثْلِيثُهُ؛ لِأَنَّ أَحَادِيثَ " عُثْمَانَ " الصِّحَاحِ كُلِّهَا كَمَا قَالَ أَبُو دَاوُد تَدُلُّ عَلَى مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَبِأَنَّ الْمَسْحَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ، فَلَا يُقَاسُ عَلَى الْغَسْلِ، وَبِأَنَّ الْعَدَدَ لَوْ اُعْتُبِرَ فِي الْمَسْحِ لَصَارَ فِي صُورَةِ الْغَسْلِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ كَلَامَ أَبِي دَاوُد يَنْقُصُهُ مَا رَوَاهُ هُوَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ؛ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْمَسْحَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ، قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ، فَلَا يُسْمَعُ. فَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَصِيرُ فِي صُورَةِ الْغَسْلِ لَا يُبَالَى بِهِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ عَنْ الشَّارِعِ، ثُمَّ رِوَايَةُ التَّرْكِ لَا تُعَارِضُ رِوَايَةَ الْفِعْلِ، وَإِنْ كَثُرَتْ رِوَايَةُ التَّرْكِ؛ إذْ الْكَلَامُ فِي أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ، بَلْ سُنَّةٌ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُفْعَلَ أَحْيَانًا، وَتُتْرَكَ أَحْيَانًا. وَأَخْرَجَهُ أَيْ حَدِيثَ " عَلِيٍّ " - عَلَيْهِ السَّلَامُ - النَّسَائِيّ، وَالتِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، بَلْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ إنَّهُ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الْبَابِ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد

<<  <  ج: ص:  >  >>